288

Tawilat

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Genres

[يوسف: 21]، كما كان حال الخليل عليه السلام، فإن الله تعالى بعد خمود هذه الصفات يتجلى لها بصفة المحيي، فيحيي هذه الصفات الغالبية عن أوصافها بنور صفة المحيية، فيكون العبد في تلك الحالة حيا بحياته محييا بصفاته، وهذا المقام مخصوص بأهل الجنة والمحبة كما قال جل جلاله:

" لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت له سمعا وبصرا ولسانا ويدا ومؤيدا، فبي يسمع وبي يبصر، وبي ينطق وبي يبطش "

، ففي هذا المقام تجلى الحق تبارك وتعالى لإبراهيم عليه السلام؛ لينعم عليه بما ولاه، ويكرمه بإعطاء سؤاله، فيتجلى له بصفة المحيي، فكان في تلك الحالة حيا بحياته محييا بصفاته، وكان ينطق بالحق، فقال له الحق:

" قلت لي: { رب أرني كيف تحيي الموتى } [البقرة: 260]، فأريك كيف أحيي الموتى، قل لهن: تعالين { يأتينك سعيا } [البقرة: 260]؛ لأنك عنك فان وبي باق فبي تقول: تعالين لا بك ".

ومثال هذا كما أن أميا يقول لكاتب: أرني كيف تكتب؟ فيجعل الكاتب قلمه في يد الأمي، ويأخذ يده ويمد بقوة يده بيد الأمي على الصحيفة، فيقول: أنا الكاتب، رأيت كتابي، هكذا أكتب، ففي تلك الحالة يظن الأمي أنه صار كاتبا إذا رأى الكتابة تكتب من يده، فيقول: أنا الكاتب، وفي هذا المقام قال من قال:

عجبت منك ومني

يا منية المتمني

أدنيتني منك حتى

ظننت أنك أني

فإذا رفع الكاتب يده عن يد الأمي فيعلم الأمي أنه أمي والكاتب هو الكاتب، ثم يستغفر عن ذنب حسبانه أنه هو الكاتب، كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الله تعالى إن تجلى لخليله عليه السلام بصفة واحدة وهي المحيي ليريه آية من آياته وهي كيفية الإحياء، فقد تجلى لحبيبه بجميع صفاته ليلة المعراج، كما قال تعالى:

Unknown page