278

Tawilat

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Genres

[البقرة: 39]؛ أي: معهم فيها خالدون لأنكم أيها الأرواح وإن لم تكونوا من جنس لما شبههم بهم فمن تشبه قوما فهو منهم ومن أحب قوما فهو معهم خالدين في النار وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.

[2.258]

ثم أخبر عن الكافر أنه إذا عجز عن العبودية كيف عارض الربوبية بقوله تعالى: { ألم تر إلى الذي حآج إبراهيم في ربه } [البقرة: 258]، الإشارة فيها أن الله تعالى لما أعطى نمرود ملكا ما أعطى لأحد قبله، وذلك لأن الله تعالى أعطى الإنسان حسن استعداد لطلب الكمال ما أعطى لأحد من العالمين كقوله تعالى:

لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم

[التين: 4]، يعني: حسن استعداد في طلب الكمال فمن حسن استعداده في الطلب وغاية لطافته في الجوهر دائم الحركة في طلب الكمال فحيث ما توهم جهة الكمال يأخذ في السير فيها إلى أقصى مراتبها في العلوي أو السفلي لا يتوقف لحظة إلا لما هي، ولكن الإنسان جبل على الصفة الظلومية والجهولية كقوله تعالى:

إنه كان ظلوما جهولا

[الأحزاب: 72]، فإن وكل إلى نفسه في طلب الكمال فينظر بنظر الحواس الخمس إلى المحسوسات وهي الدنيا فلا يتصور الكمال إلا فيها، فيأخذ في السير لطلب الكمال فيها، وهذا السير موافق لبشرية الطبيعة لأنه خلق من تراب، والتراب سفلي الطبع فيميل إلى السفليات طبعا والدنيا هي السفل فيسير فيها بقدر الطبع ويطلب الكمال، وفي البداية يرى الكمال في جميع المال فيجمعه، ثم الكمال في الجاه فيصرف المال في طلب الجاه، ثم يرى الكمال في المناصب والحكم، ثم يرى في الأمارة والسلطنة فيسير فيها ما لم يكن مانع إلى أن يملك الدنيا بأسرها كما كان حل نمرود، ثم لا يسكن جوهر الإنسان في طلب الكمال كلما ازداد استغناؤه ازداد حرصه وكلما ازداد حرصه ازداد طلبه إلى أن لا يبقى شيء من السفليات أن ملكه بقصد العلويات، وإلى الآن كان ينازع ملك الملوك ومالك الملك، وكان سبب طغيانه استغناؤه كما قال تعالى:

إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى

[العلق: 6-7]، فإذا كمل كمال الله أتاه الملك وكان سبب طغيانه حتى يكفر بالنعمة

إن الإنسان لربه لكنود

Unknown page