Tawilat
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
Genres
للذين أحسنوا الحسنى وزيادة
[يونس: 26] أي: أحسنوا برعاية حق الربوبية في العبودية، فلهم الحسنى بنعيم الجنان لرعاية حق عبوديتهم من كرم الربوبية، ولهم مزيدا لفضل الألوهية بزيادة الرؤية توفية لحقوق عباده، كما قال معاذ بن جبل رضي الله عنه كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
" هل تدري يا معاذ ما حق الله على الناس؟ قال: قلت الله ورسوله أعلم، قال: حقه عليهم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، أتدري يا معاذ ما حق الناس على الله إذا فعلوا ذلك؟ قال: قلت الله ورسوله أعلم، قال: فإن حق الناس على الله أن لا يعذبهم "
أي: بذل الحجاب، فإن الكفار معذبون بذل الحجاب لقوله تعالى:
كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون
[المطففين: 15] { والله عزيز } [البقرة: 228]، أعز من أن يراعي العباد مع عجزهم وضعفهم كجمال حقوق ربوبيته { حكيم } [البقرة: 228]، لا يقتضي أن يطالبهم بما لا يسع في وسعهم وطاقتهم بل بحكمته يقبل منهم القليل، ويوفيهم الثواب الجزيل.
وأخبر عن حل الطلاق، واختيار الفراق بقوله تعالى: { الطلق مرتان } [البقرة: 229]، والإشارة فيها أن أهل الصحبة لا يفارقون بجرمة واحدة صدرت من الرفيق الشقيق والصديق الصدوق ولا بجرمتين؛ بل يتجاوزون مرة أو مرتين، وفي الثالثة { فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسن } [البقرة: 229]، إما صحبة جميلة أو فرقة جميلة كما تجاوز خضر عن موسى - عليهما السلام - مرتين وفي الثالثة قال:
هذا فراق بيني وبينك
[الكهف: 78]، فأما الصحبة من غير تعظيم وحرقة، وإذهاب لذات العمر بالأخلاق الذميمة، وإضاعة الوقت في تحصيل المقت فغير مرضي في الطريق، ولا محمود في الشريعة؛ بل قاطع طريق الحق، وفي قوله تعالى: { ولا يحل لكم أن تأخذوا ممآ آتيتموهن شيئا } [البقرة: 229]، إشارة إلى أن ليس لأهل الصحبة إذا اتفقت المفارقة أن يستردوا خواطرهم عن الرفقاء بالكلية، ويقطعوا رحم الأخوة والدين، ويأخذوا عنهم قلوبهم بعد ما آتوهم الهمم العلية، فإن العائد في هيبة كالعائد في ميسرة: { إلا أن يخافآ ألا يقيما حدود الله } [البقرة: 229]، في رعاية الصحبة { فإن خفتم ألا يقيما حدود الله } [البقرة: 229]، بأن تؤدي إلى مداهنة، أو إهمال في حق من حقوق الدين { فلا جناح عليهما فيما افتدت به } [البقرة: 229]، من الحظوظ لرعاية الحقوق { تلك حدود الله } [البقرة: 229]، من الحظوظ والحقوق { فلا تعتدوها } [البقرة : 229]، بترك الحقوق لنيل الحظوظ { ومن يتعد حدود الله } [البقرة: 229]، في تلك الحقوق { فأولئك هم الظلمون } [البقرة: 229]؛ أي: الواضعون أرواحهم في وضع الحظوظ موضع الحقوق.
ثم أخبر عن تمام الفراق بتثليث الطلاق بقوله تعالى: { فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } [البقرة: 230]، والإشارة فيها أن أهل الصحبة لما تجاوزوا عن زلة الإخوان مرة ومرتين، ثم في الثالثة أن يسلكوا طريق الهجران، وخرجوا عن مناصحة الإخوان فلا يحل للإخوان أن يواصلوا الخوان حتى يصاحب الخائن صديقا مثله، فإن ندم من أجل ذلك عن أفعاله وسلم عن ذلك الصديق وأمثاله، وترك صحبته وخرج عن خصاله، ورجع إلى صحبة إخوانه وأشكاله { فلا جناح عليهمآ أن يتراجعآ إن ظنآ أن يقيما حدود الله } [البقرة: 230]، شرائط العبودية والصحبة في الله، وتلك حدود الله طريق قربات الله للسائرين إلى الله بالتصريح والتعريض والعبارات والإشارات، وفي الآية أيضا إشارة إلى أن الله تعالى يتجاوز عن زلات العبد مرة بعد أخرى، ويعفو عن سيئاته تارة بعد أخرى، فإن استمر العبد على أخطاءه ودوام على جفائه، فالله تعالى يبليه بالخذلان، ويجعله قرين الشيطان كما قال الله تعالى:
Unknown page