247

Tawil Mushkil Quran

تأويل مشكل القرآن

Investigator

إبراهيم شمس الدين

Publisher

دار الكتب العلمية

Publisher Location

بيروت - لبنان

وكقوله ﷿: إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ [الأنعام: ٣٨]، أي: أصناف، وكل صنف من الدواب والطير مثل بني آدم في المعرفة بالله، وطلب الغذاء. وتوقّي المهالك، والتماس الذّرء، مع أشباه لهذا كثيرة. ثم تصير الأمّة: الحين، كقوله ﷿: وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ [يوسف: ٤٥] . وكقوله: وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ [هود: ٨] . أي: سنين معدودة. كأنّ الأمّة من الناس القرن ينقرضون في حين، فتقام (الأمّة) مقام (الحين) . ثم تصير الأمّة: الإمام والرّباني، كقوله تعالى: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا [النحل: ١٢٠] . أي: إماما يقتدي به الناس، لأنه ومن اتبعه أمّة، فسمّي أمّة لأنه سبب الاجتماع. وقد يجوز أن يكون سمّي أمّة: لأنه اجتمع عنده من خلال الخير ما يكون مثله في أمة. ومن هذا يقال: فلان أمّة وحده، أي: هو يقوم مقام أمة. وقد تكون الأمة: جماعة العلماء، كقوله: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ [آل عمران: ١٠٤] . أي: يعلمون. والأمّة: الدّين، قال تعالى: إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ [الزخرف: ٢٢، ٢٣] أي: على دين. قال النابغة «١»: حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ... وهل يأثمن ذو أمّة وهو طائع؟ أي: ذو دين. والأصل أنه يقال للقوم يجتمعون على دين واحد: أمة، فتقام الأمة مقام الدين، ولهذا قيل للمسلمين: أمّة محمد، ﷺ، لأنهم على أمر واحد، قال تعالى: وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً [المؤمنون: ٥٢] . مجتمعة على دين وشريعة. وقال الله ﷿: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً [النحل: ٩٣]، أي: مجتمعة على الإسلام. ٤- العهد الأمان: عهد، قال الله تعالى: فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ [التوبة: ٤] .

(١) البيت من الطويل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص ٣٥، ولسان العرب (أمم)، ومقاييس اللغة ١/ ٢٨، وكتاب العين ٨/ ٤٢٨، وتهذيب اللغة ١٥/ ٦٣٥، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٢٤٧، ومجمل اللغة ١/ ١٥٢.

1 / 249