فى ذلك قبله وكذلك ذلك فى الباطن إن أوصى الداعى بذلك نفسه وأخذها به قبل أن يتقدم فى ذلك إلى من يقدم إليه فذلك حسن جميل وإن أوصاهم وأخذ فى ذلك عليهم وأخر نفسه فى ذلك فلا شيء عليه إذا حفظ ذلك فى نفسه وحافظ على ما عنده.
ويتلو ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حبذا المتخللون فقيل يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما هذا التخلل فقال التخلل فى الوضوء بين الأصابع والأظافير والتخلل من الطعام فليس شيء أشد على ملكى المؤمن من أن يريا شيئا من الطعام فى فيه وهو قائم يصلى، تأويل ذلك ما قد تقدم القول به من أن أمثال الأصابع والأسنان فى الباطن أنها حدود أولياء الله فتخليل الأصابع فى الوضوء مثله فى الباطن طهارة ما بين كل حدين منها بالعلم، وتخليل الأسنان من الطعام مثله فى الباطن ألا يترك العلم فيما بين كل حدين عطلا لا يستعمل فما كان منه قد علم وصح وأثبت استعمل وذلك ما يبقى من الأسنان من الطعام إذا خرج بتحريك اللسان عليه وإجالته إياه ازدرد وإن لم يخرج بذلك وابتكره بالخلال لفظ ومثل ذلك الذي لا يخرج عن حركة اللسان ويستكره بالخلال مثل ما لم يثبت من العلم فإنه يلقى ولا ينبغى استعماله وكذلك جاءت السنة فيما كان بين الأسنان من الطعام فى الظاهر أنه يبتلع ما خرج منه بحركة اللسان عليه وما استكره بالخلال لفظ وسنذكر ما جاء فى ذلك فى باب الأطعمة إن شاء الله تعالى.
وقوله، ليس شيء أشد على ملكى المؤمن من أن يريا شيئا من الطعام فى فيه وهو قائم يصلى فقد تقدم القول أن مثل الصلاة فى الباطن مثل الدعوة وتأويل الملكين هاهنا الحافظان له وهما الإمام والحجة فمن دونهما من حدودهما المنصوبة لحفظ المؤمنين حتى ينتهى ذلك إلى الداعى والمأذون ممن أقيم لحفظ المؤمنين وأعمالهم يشتد عليهم أن يروا من كان من أهل دعوتهم مطرحا للعلم لا ينظر فى شيء منه.
ومن ذلك قول الله عز وجل:@QUR012 «كلا بل تكذبون بالدين وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون» يعنى علمهم بما فعلوه مما ظهر لهم منهم واطلعوا عليه من أعمالهم وما شاء الله أن يطلعهم مما أسروه وأحفظوه[1] عنهم يكشف ما شاء من سرائر لهم واستيثاره بعلم ما شاء من ذلك دونهم ليجزيهم
Page 144