227

وأقامهم خزنة لحكمته وسفراء فيما بينه وبين عباده والسفير فى اللغة المبلغ عن قوم إلى قوم، والسفرة فى اللغة أصحاب الأسفار وهى الكتب واحدها سفر وقال المفسرون فى قول الله تعالى بأيدى سفرة قالوا هم ملائكة سماء الدنيا قالوا وهم كتبة الملائكة الذين يكتبون أعمال أهل الأرض فحاموا حول التأويل ولم يعرفوه وقد ذكرنا تأويل الملائكة وأن أسماءهم مشتقة من «المألكة»[1] وهى الرسالة وكذلك الملائكة هم رسل الله ورسل رسله وسيأتى أمرهم بتمامه فى موضعه إن شاء الله تعالى، وكذلك كما ذكرنا يجرى اسم الملك على كل من ملك شيئا بالحقيقة من أمور العباد من أهل دعوة الحق وأرسل فى ذلك إليهم لأنهم يتصلون فى ذلك بالملائكة الذين هم رسل الله ويؤدون إلى العباد ما أدته الملائكة عنه بعضهم إلى بعض حتى اتصل ذلك بأنبياء الله، واتصل عن الأنبياء إلى كل قائم بذلك مرسل فيه المعنى فى ذلك يجمع جميعهم ومما تقدم ذكره من الأمر بالتوسط فى دعوة الحق قول الله تعالى:@QUR010 «ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط» [2] «وقوله:@QUR07 «والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا» [3] وقوله:@QUR05 «وما هو على الغيب بضنين» [4] أى شحيح وقوله:

@QUR03 «ولا تمنن تستكثر» وغير ذلك مما أمر الله به من التوسط فى أمور الدنيا والدين.

وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال دين الله بين الغالى والمقصر، وجاء عنه أنه قال: خير الأمور أوسطها؛ فهذا وما هو فى معناه يدخل ويجرى فيما ذكرناه من أمر الصادق صلى الله عليه وسلم بالتوسط بالقراءة فى الصلاة ظاهرا وباطنا.

وكذلك ينبغى للمؤمن أن يتوسط فيما يأخذه من دعوة الحق ويقتصر فى ذلك على ما يلقيه إليه من الدعاة من وصفناهم بالتوسط والعدل وحسن السياسة فى ذلك ولا ينزع بنفسه وابتغائه من ذلك إلى ما لم يبق إليه ولم يبلغ إلى حده فيهلك. فافهموا أيها المؤمنون واعقلوا آداب أولياء الله وإياكم والواجب عليكم فيما حملوكم، أعانكم الله على ذلك ووفقكم منه إلى ما يرضيه ويزكو لديه ويزدلف به إليه وصلى الله على محمد نبيه وعلى الأئمة الأبرار من أهل بيته وسلم تسليما.

المجلس الرابع من الجزء الخامس: [فى صفات الصلاة]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الأزلى القديم لا بمجارى الأوقات، الباقى لى

Page 273