وهم أهل كل زمان يؤدى ذلك إليهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم إمام ذلك الزمان ومن ينصبه لأداء ذلك عنه، وأما سورة المنافقون وقراءتها يوم الجمعة مثل ذلك ما تقدمه أن يذكر فى دعوة الحق للمستجيبين من نصبه الله وأقامه لهم من أوليائه ويؤمروا بالسعى إليهم والكون معهم ويذكر لهم أحوال المنافقين عليهم والمكاذبين لهم ويشهر بذلك فى الباطن عند أهل دعوة الحق كما شهروا بذكرهم فى الظاهر فى كل يوم جمعة فى قراءة الإمام سورة المنافقون، وكذلك سن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يقرؤها كل يوم جمعة ليبكت المنافقين بها ويحذر المؤمنين ما صاروا إليه بنفاقهم ويغبط المؤمنين بما هم فيه ويأمرهم بما أوجب الله عليهم من المسارعة إلى دعوته فى باطن القول فى ذلك.
ويتلوه نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرأ فى صلاة الفريضة بأقل من سورة وأن يبعض السور فى الفرائض ولا يقرن فيها بين سورتين بعد فاتحة الكتاب ورخص ذلك فى النوافل تأويله ما قد تقدم القول به من أن مثل قراءة فاتحة الكتاب وسورة فى كل ركعة مثل الإقرار بالإمام والحجة فى دعوة الحق، فما كان منها مما هو مفترض أن يذكر ذلك فيه فى مفاتحة المستجيبين والأخذ عليهم لم يجز أن يشرك فى ذلك غيرهما ولا أن يحذف من تمام القول فى ذلك شيء وما كان منه فى نافلة من الكلام مثل ما يجرى فى المواعظ والمذاكرة فلا بأس بمثل ذلك فيه.
ويتلو ذلك ما جاء عن على صلى الله عليه وسلم أنه قال فى قول الله:@QUR03 «ورتل القرآن ترتيلا» [1] قال بينه تبيينا لا تنثره نثر الدقل ولا تهذه هذا الشعر قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب ولا يكن هم أحدكم آخر السورة يعنى أن يسرع بذلك ليفرغ منها وهو فى ذلك لا يتدبر ما قرأ منها ولا يعرف معنى ما قرأه مما أريد به، فهذا هو الواجب والذي يؤمر به من قراءته القرآن فى الظاهر أن يستعمله فى قرأته إياه وكذلك ينبغى فى باطن ذلك لمن يفاتح بدعوة الحق وما يجرى فيها من يجوز له مفاتحته أن يبين لهم ما يفاتحهم به ولا يعجل بالقول فيه ولكن يتأنى به ويحرك به قلوب السامعين منه بترتيله عليهم وبيانه لهم، ولا يكن همه طلب الفراغ منه على خلاف ذلك.
ويتلو ذلك ما جاء عن الصادق صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الإمام إذا
Page 271