المؤمنين الذين هم أهلها وأن يكون أقربها منه وعن يمينه وهى أفضل درجات من يصلح لمقامه من بعده.
ويتلو ذلك ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال سدوا فرج الصفوف ومن استطاع أن يتم الصف الأول فالذى يليه فليفعل فإن ذلك أحب إلى نبيكم وأتموا الصفوف فإن الله وملائكته يصلون على الذين يتمون الصفوف.
وعن جعفر بن محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال أتموا الصفوف ولا يضرك أن تتأخر إذا وجدت ضيقا فى الصف فتتم الصف الذي خلفك وإن رأيت خللا أمامك فلا يضرك أن تمشى منحرفا حتى تسده يعنى وهو فى الصلاة.
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: صلوا صفوفكم وحاذوا بين مناكبكم ولا تخالفوا بينها يتخللكم الشيطان كما يتخلل أولاد الحذف، فتعديل الصفوف وسد ما فيها من الفرج وتمامها واعتدال وقوف القيام فيها من واجب الصلاة وحدودها فى الظاهر، ومثله فى الباطن اعتدال أهل الدرجات فى دعوة الحق على درجاتهم وحدودهم التى حدت لهم لا يتجاوز أحد منهم حده إلى غيره ومن رأى منهم خللا فى حد من الحدود التى فوقه أو دونه فينبغى له أن يسعى ويجتهد فيما يبلغه إلى تلك الدرجة ويوجب له سد ذلك الخلل وبأن يكون أهل كل حدود درجة قد استوت بهم الحال فيها وأوجبت لهم الأحوال والأعمال أن يكونوا متساوين فى ذلك على ما أمروا به من التساوى فيه لا يتقدم أحد منهم أحدا فى ذلك كما وجب فى ظاهر الصلاة أن يحاذى أهل كل صف منها بين مناكبهم ولا يتجاوز أحد منهم أحدا، وإنهم وإن فعلوا ذلك اختلفوا وتخللهم الشيطان، وتأويل ذلك أن أهل مراتب الدعوة إذا تعدى أحدهم حده وخرج عنه إلى حد غيره أوجب ذلك اختلافهم ودخل بينهم من يجب أن يختلفوا من أعداء أولياء الله الذين أمثالهم أمثال الشياطين وقد تقدم بيان ذلك.
وقوله كما يتخلل أولاد الحذف، فالحذف ضرب من الغنم الصغار السود واحدتها حذفة تتخلل الغنم وتمشى بينها فشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم تخللها ومشيها بينها بتخلل الشياطين ومشيهم بالتضريب بين المؤمنين لما يريدونه من تقاطعهم وتدابرهم إذا وقع مثل ذلك فيهم وتنافسوا فى الرئاسة بالخروج عن حدودهم التى حدت لهم وأمروا بلزومها.
Page 255