ركونهم إليه وكونهم فى دعوة الحق مع أهلها أولياء الله فلا يكون يوم القيامة ملجأ يلجأ إليه غيرهم.
وقوله إن فى ذلك الظل من خرج من بيته فأسبغ الطهر ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضى فريضة من فرائضه فهلك فيما بينه وبين ذلك، تأويل قول الله:@QUR016 «ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله» [1] وذلك الرجل يخرج من دعوة باطل قد كان يعتقدها ومذهب فاسد كان يذهب إليه وذلك تأويل بيته ويعتقد الدخول فى دعوة الحق واللحوق بصاحبها فهو بيت الله كما ذكرنا أن أمثالهم أمثال المساجد وهى بيوت الله فيهلك قبل أن يصل إلى ذلك وهو معتقد لما كان عليه غير راجع عنه فإنه يكون من أهل دعوة الحق ويحشر مع أهلها وإن لم يكن وصل إليها، ولذلك قيل: إن نية المؤمن أفضل من عمله، لأنه ينوى الخير فيحال بينه وبينه فلا يعمله فيكتب له، ويعمل العمل من الخير ولا ينوى به الخير فلا يكتب له.
وقوله أسبغ الطهر وقام بعد أن هدأت كل عين، يعنى بالطهر ما تقدم ذكره من التوبة والنزوع عما كان عليه من الباطل، وبهدوء العيون نوم الناس، والنوم كما ذكرنا مثله مثل الغافلة فكأنه انتبه لما غفل الناس عنه.
ويتلو ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إسباغ الوضوء فى المكاره ونقل الأقدام إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة يغسل الخطايا غسلا، ففعل هذا فى الظاهر من أفعال الخير ومما يؤمر به ويرغب فيه، تأويله فى الباطن أن إسباغ الوضوء مثله ما تقدم القول به مثل المبالغة فى التوبة من الذنوب والنزوع عن المعاصى والطهارة من ذلك بالعلم الحقيقى والمكاره فى ذلك حمل النفس على ذلك وهى تكرهه وتستثقله لأن أفعال الخير كلها ثقيلة إلا على من خففها الله عليه، ونقل الأقدام إلى المساجد فهى فى الظاهر السعى إلى المسجد للصلاة فيها، وفى الباطن السعى إلى دعوة الحق ومجالس أهلها لسماع العلم والحكمة فيها وانتظار الصلاة بعد الصلاة مثله مثل انتظار مجلس بعد مجلس ودعوة بعد دعوة منها وقد تقدم تأويل ذلك بتمامه.
ويتلو ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: خير صفوف الصلاة المقدم، وخير صفوف
Page 252