199

وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قد كان إذا صلى وحده تطوعا أطال القيام حتى ترم قدماه من طوله فهذا هو الواجب على من أم الناس فى ظاهر الصلاة ومن صلى وحده، وتأويل ذلك أن الداعى إذا فاتح المستجيبين إليه بالحكمة لم ينبغ له أن يحملهم من ذلك فوق احتمالهم ولا أن يطيل القول بذلك لهم فينسيهم آخره أوله ولكن ينبغى له أن يتوخى فى ذلك ما يعلم أن أضعفهم احتمالا يحتمله ويلقن منه ما سمعه ويحفظه ومثل ذلك التوسط فى أخذ الطعام والشراب فإنه من أكثر من ذلك ضره وإنما ينبغى أن يؤخذ من ذلك ما تحتمله الطبيعة وتقوى عليه القوة ومثل إطالة من صلى وحده الصلاة الظاهرة مثل من تفكر فيما صار إليه من العلم والحكمة فى دعوة الحق ووعظ نفسه بذلك وأخذها به وتدبر ذلك ونظر فيه فمثل هذا يجب على المؤمن لزومه من أمر نفسه والمواظبة عليه والدوام والإطالة فيه.

ويتلو ذلك قول الصادق صلى الله عليه وسلم: لا تؤم المرأة الرجال وتؤم النساء ولا تتقدمهن ولكن تقوم وسطا فيهن ويصلين بصلاتها، تأويله ما قد تقدم القول به من أن المحرم غير المطلق البالغ مثله فى الباطن مثل المرأة لأنه فى حال من يستفيد ومثل الرجل مثل المفيد المطلق فلا يجوز لمن لم يبلغ حد الإطلاق فى الدعوة أن يدعو من بلغ مع ذلك وكان قد أطلق له أن يفاتح من هو دونه إذا هو احتاج إلى أن يعاد العهد عليه أن يدعى بعد ذلك ويجوز أن يدعو من لم يبلغ من هو فى مثل حاله إذا احتيج إليه ولم يوجد لذلك أفضل منه ولا يكون فى حال الداعى البالغ المطلق الذي هو فى حد من يؤتم به ويكون فى ذلك مساويا فى الدرجة لمن أذن له فى أن يفيدهم أو يأخذ عليهم لأنه فى مثل حدهم وحالهم لم يتجاوز ذلك فيتقدمهم فذلك مثل إمامة المرأة النساء مثلها وأنها تكون وسطا منهن لا تتقدمهن ومعنى صلاتهن بصلاتها فى التأويل أخذ المستفيدين ممن نصب لهم ليفيدهم ممن هو فى حدهم ودرجتهم.

ويتلو ذلك ما جاء عن على صلى الله عليه وسلم أنه رخص فى تلقين الإمام القرآن إذا تعايا ووقف فإن هو خطرف آية أو أكثر من آية أو خرج من سورة إلى سورة واستمر فى القراءة لم يلقن فهذا هو الذي يؤمر به ويستعمل فى ظاهر الصلاة.

وتأويل ذلك فى باطنها وهو دعوة الحق أن الداعى إذا هو فاتح المستجيبين بالبيان

Page 245