Tawdih
التوضيح في حل عوامض التنقيح
Investigator
زكريا عميرات
Publisher
دار الكتب العلمية
Publication Year
1416هـ - 1996م.
Publisher Location
بيروت
مسألة المجاز خلف عن الحقيقة في حق التكلم عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعندهما في حق الحكم فعنده التكلم بهذا ابني للأكبر سنا منه في إثبات الحرية خلف عن التكلم به في إثبات البنوة والتكلم بالأصل صحيح من حيث إنه مبتدأ وخبر وعندهما ثبوت الحرية بهذا اللفظ خلف عن ثبوت البنوة به والأصل ممتنع ومن شرط الخلف إمكان الأصل وعدم ثبوته لعارض فيعتق عنده لا عندهما اتفق العلماء في أن المجاز خلف عن الحقيقة أي فرع لها ثم اختلفوا في أن الخلفية في حق التكلم أو في حق الحكم فعندهما في حق الحكم أي الحكم الذي ثبت بهذا اللفظ بطريق المجاز كثبوت الحرية مثلا بلفظ هذا ابني خلف عن الحكم الذي يثبت بهذا اللفظ بطريق الحقيقة كثبوت البنوة مثلا وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى في حق التكلم فبعض الشارحين فسروه بأن لفظ هذا ابني إذا أريد به الحرية خلف عن لفظ هذا حر فيكون التكلم باللفظ الذي يفيد عين ذلك المعنى بطريق المجاز خلفا عن التكلم باللفظ الذي يفيد عين ذلك المعنى بطريق الحقيقة وبعضهم فسروه بأن لفظ هذا ابني إذا أريد به الحرية خلف عن لفظ هذا ابني إذا أريد به البنوة والوجه الأول صحيح في هذا المعنى مفيد للغرض فإن لفظ هذا ابني خلف عن لفظ هذا حر أي قائم مقامه والأصل وهو هذا حر صحيح لفظا وحكما فيصح الخلف لكن الوجه الثاني أليق بهذا المقام لأمرين أحدهما أن المجاز خلف عن الحقيقة بالاتفاق ولم يذكروا الخلاف إلا في جهة الخلفية فقط فيجب أن لا يكون الخلاف فيما هو الأصل وفيما هو الخلف بل الخلاف يكون في جهة الخلفية فقط فعندهما هذا ابني إذا كان مجازا خلف عن هذا ابني إذا كان حقيقة في حق الحكم أي حكمه المجازي خلف عن حكمه الحقيقي وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى هذا اللفظ خلف عن عين هذا اللفظ لكن بالجهتين فعلى كلا المذهبين الأصل هذا ابني والخلاف في الجهة فقط عندهما من حيث الحكم وعنده من حيث اللفظ ولو كان المراد أن هذا ابني خلف عن هذا حر فالخلاف يكون في الأصل والخلف لا في جهة الخلفية فقط والأمر الثاني أن فخر الإسلام رحمه الله تعالى قال إنه يشترط صحة الأصل من حيث إنه مبتدأ وخبر موضوع للإيجاب بصيغته وقد وجد ذلك فإذا وجد وتعذر العمل بحقيقته أي بالمعنى الحقيقي فصحة الأصل من حيث إنه مبتدأ وخبر وتعذر العمل بالمعنى الحقيقي مخصوصان بهذا ابني فأما هذا حر فإنه صحيح مطلقا والعمل بحقيقته غير متعذر فعلم أن الأصل هذا ابني مرادا به البنوة فحاصل الخلاف أنه إذا استعمل لفظ وأريد به المعنى المجازي هل يشترط إمكان المعنى الحقيقي بهذا اللفظ أم لا فعندهما يشترط فحيث يمنع المعنى الحقيقي لا يصح المجاز وعنده لا بل يكفي صحة اللفظ من حيث العربية لهما أن في المجاز ينتقل الذهن من الموضوع له إلى لازمه فالثاني أي اللازم موقوف على الأول أي الموضوع له فيكون اللازم خلفا وفرعا للموضوع له وهذا هو المراد بالخلفية في حق الحكم فلا بد من إمكانه أي إمكان الأول وهو المعنى الموضوع له لتوقف المعنى المجازي عليه وأيضا بناء على أن الأصل المتفق عليه أن من شرط صحة الخلف إمكان الأصل كما في مسألة مس السماء فإن إمكان الأصل فيها شرط لصحة الخلف وصورة المسألة أن يحلف بقوله والله لأمس السماء تجب الكفارة لأن الكفارة خلف عن البر ففي كل موضع يمكن البر ينعقد اليمين وتجب الكفارة وفي كل موضع لا يمكن البر لا ينعقد اليمين ولا تجب الكفارة ففي مسألة مس السماء البر وهو مس السماء ممكن في حق البشر كما كان النبي عليه السلام وإن حلف لأشربن الماء الذي في هذا الكوز ولا ماء فيه لا تجب الكفارة لأن الأصل هو البر غير ممكن فالمستشهد هاتان المسألتان والفرق الذي بينهما وإنما لم نذكر في المتن مسألة الكوز لأن المعتاد في كتبنا ذكرهما معا فكل منهما ينبئ عن الآخر قلنا موقوف على فهم الأول لا على إرادته إذ لا جمع بينهما أي بين الحقيقة والمجاز والمراد المعنى الحقيقي والمجازي فيها أي في الإرادة فإذا لم يتوقف على إرادة الأول لا يجب إمكان الأول وحيث توقف على فهم الأول وفهم الأول مبني على صحة اللفظ من حيث العربية يكفي صحة اللفظ من حيث العربية فإذا فهم الأول وامتنع إرادته علم أن المراد لازمه وهو عتقه من حين ملكه فإن هذا المعنى لازم للبنوة فيجعل إقرارا فيعتق قضاء من غير نية لأنه متعين ولا يعتق بقوله يا بني لأنه لاستحضار المنادى بصورة الاسم بلا قصد المعنى فلا تجري الاستعارة لتصحيح المعنى فإن الاستعارة تقع أولا في المعنى وبواسطته في اللفظ فيستعار أولا الهيكل المخصوص للشجاع ثم بتوسط هذه الاستعارة يستعار لفظ الأسد للشجاع ولأجل أن الاستعارة تقع أولا في المعنى لا تجري الاستعارة في الأعلام إلا في أعلام تدل على المعنى كحاتم ونحوه ويعتق بقوله يا حر لأنه موضوع له فإن قيل قد ذكره في علم البيان أن زيدا أسد ليس باستعارة بل هو تشبيه بغير آلة لأنه دعوى أمر مستحيل قصدا لأن التصديق والتكذيب يتوجهان إلى الخبر وإنما يكون استعارة إذا حذف المشبه نحو رأيت أسدا يرمي وإن كان هذا مستحيلا أيضا بواسطة القرينة لكن غير مقصود فإن القصد إلى الرؤية هاهنا فعلى هذا لا يكون هذا ابني استعارة اعلم أن الاستعارة عند علماء البيان ادعاء معنى الحقيقة في الشيء لأجل المبالغة في التشبيه مع حذف التشبيه لفظا ومعنى فالاستعارة لا تجري في خبر المبتدأ عندهم فقولهم زيد أسد ليس باستعارة بل تشبيه بغير آلة بناء على الدليل الذي ذكر في المتن فعلى هذا لا يكون هذا ابني استعارة بل يكون تشبيها وفي التشبيه لا يعتق فعلم من هذا أنهم لا يجوزون الاستعارة إذا كانت مستلزمة لدعوى أمر مستحيل قصدا فهذا عين مذهبهما لأن شرط صحة المجاز إمكان المعنى الحقيقي قلنا هذا في الاستعارة في أسماء الأجناس وتسمى استعارة أصلية لأنه يلزم حينئذ قلب الحقائق لا في الاستعارة في المشتقات وتسمى استعارة تبعية نحو نطقت الحال أو الحال ناطقة فإن هذا استعارة بالاتفاق ولا يلزم هنا قلب الحقائق وهذا ابني من هذا القبيل هذا الذي ذكر وهو أن زيدا أسد ليس باستعارة بناء على أن الاستعارة لا تقع في خبر المبتدأ إنما هو مخصوص بالاستعارة في أسماء الأجناس أما الاستعارة في المشتقات فإنها تجري في خبر المبتدأ عند علماء البيان كما يقال الحال ناطقة أي دلالة استعير الناطقة للدلالة وهذه الاستعارة في خبر المبتدأ لكن ليست في أسماء الأجناس بل في الاسم المشتق فيجوزون هذا في خبر المبتدأ وفرقهم أن الاستعارة في خبر المبتدأ تستلزم قلب الحقائق إذا كان خبر المبتدأ اسم جنس أما إذا كان اسما مشتقا فلا تستلزم قلب الحقائق نحو الحال ناطقة فلا تجوز في أسماء الأجناس وتجوز في المشتقات وهنا خبر المبتدأ وهو ابني اسم مشتق لأن معناه مولود مني فتجوز فيه الاستعارة فإنه من قبيل قولنا الحال ناطقة واعلم أنهم يسمون الاستعارة في أسماء الأجناس استعارة أصلية والاستعارة في الأفعال والأسماء المشتقة استعارة تبعية لأن الاستعارة إنما تقع فيها بتبعية وقوعها في المشتق منه وسيأتي قريبا ويجب أن يعلم أن الجواب الذي أوردته في المتن إنما هو على تقدير تسليم زعم علماء البيان وترك المناقشة على دلائلهم الواهية وذلك أن قولهم زيد أسد ليس باستعارة مع أن قولهم رأيت أسدا يرمي استعارة ليس بقوي والفرق الذي ذكرته في المتن أن زيدا أسد دعوى أمر مستحيل قصدا بخلاف رأيت أسدا يرمي لا شك أنه فرق واه وما ذكر بعد ذلك أن في أسماء الأجناس لا تجري الاستعارة في خبر المبتدأ وتجري في الأسماء المشتقة أضعف من الأول وفرقهم أن الأول يقضي إلى قلب الحقائق دون الثاني أوهن من نسج العنكبوت لأن قولهم الحال ناطقة ليس في الاستحالة أدنى من قولهم زيد أسد فما الذي أوجب أن أحدهما استعارة والآخر ليس باستعارة وإنما لم أذكر هذه الاعتراضات في المتن لعدم الاحتياج إليها فإن قولهم الحال ناطقة لما كانت استعارة بالاتفاق علم أن إمكان المعنى الحقيقي لا يشترط لصحة المجاز وعلى تقدير تسليم الفرق بين المشتقات وأسماء الأجناس قولهم هذا ابني من قبيل المشتقات فتصح فيه الاستعارة بلا اشتراط إمكان المعنى الحقيقي
مسألة قال بعض الشافعية لا عموم للمجاز لأنه ضروري يصار إليه توسعة
فيقدر بقدر الضرورة قلنا لا ضرورة في استعماله
Page 159