بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وعترته المعصومين أما بعد: فالكلام في علم الرجال على وجه الاستعجال يقتضى رسم مقدمة وأبواب وخاتمة.

Page 27

أما المقدمة ففي تعريفه وبيان موضوعه وفائدته المحتاج إليها على ما هو المتعارف في كل علم

(تعريف علم الرجال)

| (تعريف علم الرجال)

ونقول في الأول: " إنه ما وضع لتشخيص رواة الحديث ذاتا ووصفا مدحا وقدحا " (1) فبقيد الوضع خرج ما كان من علم الحديث والتأريخ وغيرهما مشتملا على بيان جملة من الرواة على الوجه المزبور فإن شيئا من ذلك لم يوضع لذلك وكذا علم الكلام إن

Page 29

لم يحض الرواة بغير الأئمة عليهم السلام ولذا رووا عن آبائهم عليهم السلام.

وفى كثير من الأخبار إطلاق المحدث عليهم وهو بمعنى الراوي كما هو ظاهر هذه الأخبار وغيرها وإن خصصنا الحديث كالخبر بنفس قول المعصوم عليه السلام كما في دراية الشهيد الثاني (1) دون ما يحكيه كما هو صريح غيره.

والقيود الأخيرة للتعميم والإشارة إلى أنواع البحث فيه فإن من الرجال من يتشخص بهذا العلم ذاته خاصة ومنهم ذاته مع مدحه أو قدحه المراد بهما مطلقيهما لا خصوص العدالة والفسق ففاقد أحدهما قليل جدا لأن كونه من أصحابنا أو من أصحاب أحد المعصومين عليهم السلام داخل في وصف المدح وقل من لم يذكر هذا في حقه والتصريح بكونه مجهولا أو مهملا في كتب المتقدمين داخل في وصف القدح ولو بحسب الثمر ومع الغض عن كل ذلك فالجواب عن خروج غير الممدوح والضعيف الاجتهادي - أعنى المجهول والمهمل في تعبيراتهم - أنهما لندرتهما أو قلة الاعتناء بشأنهما كالمعدوم وأن الوضع لغرض لا يلازم ترتب الغرض في جميع المصاديق خصوصا إذا كان لمانع سابق أو لاحق.

ومنه يظهر أن الافتقار إلى زيادة قيد " ما في حكمهما " عطفا على الوصفين لإدخال ما ذكر من القسمين فإنما هو ما لم يؤخذ قيد الوضع كما زاده غير آخذه بل قد عرفت منع الافتقار مطلقا.

كما أن منه يظهر الجواب عن خروج المشترك بين الممدوحين أو المقدوحين أو المختلفين حيث لم يفد شئ من المميزات الآتية تميز بعضهم عن بعض ومن زعم - بعد ملاحظة التعريف المنتفى عنه قيد التشخيص - أن علم تميز المشتركات مغاير لعلم الرجال وأنه خارج بإضافة الأحوال إلى الرواة كما في التعريف الآخر إذ التميز ليس من أحوالهم فقد أخطأ كيف! وكل أسباب التميز أو

Page 30

جلها موجودة في كلماتهم.

مضافا إلى تعرضهم لتميز جملة من الرجال المختلف فيهم كمحمد بن إسماعيل المتكرر في طريق الكليني رحمه الله وأبى بصير ومحمد بن سنان وأضرابهم حتى صنف فيهم ما صنف.

وأيضا فتميز المشتركات للكاظمي وغيره معدود من أهم كتب الرجال كتعليقة المولى البهبهاني وقد أدخلهما صاحب منتهى المقال في كتابه على أن التميز كالاشتراك من الأحوال إلا أن يراد بها خصوص وصفي المدح والقدح. هذا وخرج بقيد " التشخيص " علم الدراية الباحث عن سند الحديث ومتنه وكيفية تحمله وآدابه إذ البحث عن السند ليس بعنوان تشخيص الرواة بل بالإشارة إلى بيان انقسام الحديث من جهة السند إلى الأقسام المعروفة الآتية فالمذكور فيه أن ما كان جميع رواته عدولا إماميين ضابطين فهو الصحيح عند المتأخرين وهكذا وليس فيه تشخيص حال راو أصلا.

بل التحقيق أنه خارج من التعريف الآتي أيضا وإن لم يكن بهذا الوضوح إذ لا يعرف منه أحوال الرواة إلا على الإجمال الذي لا يفيد إلا أن فيهم العدل الضابط وغيره ولو بملاحظة أن تقسيمهم لما هو الموجود لا بطريق الفرض والاحتراز عنه في الحقيقة بإضافة التشخيص إلى الرواة لا بنفسه وإلا فهو أيضا موضوع لتشخيص أقسام الخبر من حيث السند والمتن وغيرهما بل الأظهر أنه بالمضاف إليه إلا أن الاختصاص الحاصل به غير منفك عنه.

وإضافة الرواة إلى الحديث إما للجنس وهو الأظهر بالنظر إلى كلية العلوم وكلية موضوعاتها وتسمع أن موضوع الرجال هو الرواة أو للعهد الخارجي بالإشارة إلى المذكورين في أسانيد الأخبار وهو الأقرب بالنظر إلى قصر البحث فيه عن الجزئيات الخاصة ولا ضير فيه فإن اللغة كذلك.

والمراد بهم ما يشمل الأنثى وإن لم تدخل فيهم بالوضع للتغليب أو البحث عنها استطرادا ولقلتها ملحقة بالعدم وبه يندفع ما في التسمية بعلم الرجال.

Page 31

والصبي هنا كالأنثى فيهما مع أن البحث من جهة الرواية التي هي الأداء لا التحمل ووجود الصبى فيهم في هذا الحين غير معلوم مضافا إلى احتمال الوضع الثانوي الكافي فيه المناسبة في الجملة فلا إشكال أصلا.

والمراد ب‍ " الحديث " ما ينتهى سلسلة سنده إلى النبي (ص) أو أحد المعصومين عليهم السلام، (1) وعند العامة إلى النبي أو الصحابة أو التابعين (2) وهذا هو الظاهر من إطلاقه أيضا فهو أولى من لفظ الخبر لفقد الظهور في إطلاقه وإن تساويا مع قطع النظر في أظهر الأقوال التي منها أعمية الخبر مما ذكر وبالعكس.

ولا افتقار إلى تقييده بالواحد لإخراج المتواتر ونحوه بل هو مخلى إذ البحث عن رواتهما أيضا وإن لم يحتج إليه بعد التواتر والاحتفاف بالعلمي من جهة روايتهم لذلك لا مطلقا.

هذا مع كفاية المعرفة في الجملة من نحو هذه التعاريف لأنها الواجبة في مقدمة كل علم كما فصل في محاله.

ومما بيناه ظهر حال التعريف الآخر له وهو أنه " العلم بأحوال رواة الخبر الواحد ذاتا ووصفا ومدحا وقدحا وما في حكمهما " مضافا إلى أن في جعل الذات من الأحوال ما ترى.

فالأولى معها إسقاط الأحوال كما أن الأولى التعريف بأنه " ما وضع لمعرفة الحديث المعتبر عن غيره ".

(موضوع علم الرجال)

| (موضوع علم الرجال)

ونقول في الثاني: إنه رواة الحديث فمع إرادة الجنس البحث عما يعرض لجزئياته ومصاديقه من الأوصاف المميزة لبعضها عن بعض والموجبة لاعتبار قول بعض وعدمه في آخر فلا يتوهم أن البحث عن ذوات الجميع أو الأكثرين ليس بحثا

Page 32