Tawdih Can Tawhid
التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق وتذكرة أولي الألباب في طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب
Publisher
دار طيبة، الرياض، المملكة العربية السعودية
Edition Number
الأولى، 1404هـ/ 1984م
Genres
تعد لرغبتك ورهبتك قال الذي في السماء قال له أسلم حتى أعلمك كلمات ينفعك الله بهن فأسلم فقال له فل اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي" وكثير ممن يتكلم في هذه الحقيقة الكونية وبشاهدها التي يشترك فيها وفي شهودها ومعرفتها المؤمن والكافر والبر والفاجر حتى إبليس معترف بها في قوله {رب فأنظرني إلى يوم يبعثون} وقوله {قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين} وقوله {فبعزتك لأغوينهم أجمعين} وقوله {أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته} . وأمثال هذا من الخطاب الذي يعترف فيه بأن الله ربه وخالقه ومليكه، وان ملكوت كل شيء بيده، فالمشركون الأولون إنما عبدوا غير الله بالمحبة التي كحب الله راجين بها التقرب والتقريب إليه طالبين منهم الشفاعة لديه في قضاء الحوائج وما يحتاجون إليه، ومعبودهم ذلك هو عندهم واسطة الشفاعة ووسيلة التقريب ويعبرون عنه بالإله لأن قلوبهم قد تألهته برجائها منه ما أملته مما ليس للعبيد مدخل فيه، وتارة تكثر تلك الآلهة، وتارة تقل بحسب اعتقاد من هي له، قال سبحانه: {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} وقال تعالى : {ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله} فسمى محبتهم المساوية لحب الله التي يرجونهم ويلتجؤن إليهم بها فيدعونهم سببا في قضاء حوائجهم عند خالقهم عبادة، وأنكر تعالى ذلك عليهم وعابهم به ورده في قوله: {قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير * ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له} وقال جل شأنه: {قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا * أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا} وقال تعالى: {وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الأنسان كفورا} وقال تعالى: {أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون * قل لله الشفاعة جميعا} وقال تعالى: {وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون} وهم قد أقروا بأن الله سبحانه مالك الأشياء كلها وأنه الضار النافع المعطي المانع الذي لا رازق سواه ولا مدبر ولا قابض
Page 181