192

Tawdih Can Tawhid

التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق وتذكرة أولي الألباب في طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

Publisher

دار طيبة، الرياض، المملكة العربية السعودية

Edition Number

الأولى، 1404هـ/ 1984م

استغسلتم فاغسلوا" وكذا السحر قال تعالى: {فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه} فهو سبب لألم الفؤاد ويوجب البغضاء والفرقة بين الزوجين، والنار سبب للإحراق، والسكين سبب للقطع، والحبل سبب لإظهار الماء في الدلو، وأكل الطعام سبب لذهاب ألم الجوع، وشرب الماء سبب لذهاب ألم العطش، والكدح بالاجتهاد في تحصيل العلم سبب للفهم، والمتاجرة بالمال سبب لفائدة الربح، وطاعة الله سبب لرضائه ورحمته، ومعصيته سبب لسخطه وانتقامه، فالأسباب المنصوص عليها لا تنكر ولا يتكل عليها إذ في إنكارها نقص في العقل وفي الاتكال عليها شرك في الدين وكل من الإنكار والاتكال منتف شرعا لكن قد يتخلف المسبب عنه مع قيام السبب إذ الضار والنافع والمعطي والمانع هو الله وحده قال تعالى: {وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله} وقال تعالى: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} وكتخلف إحراق النار عن إبراهيم عليه السلام حين وضع فيها، وحدة السكين حين أمرها الخليل على حلقوم ولده إسماعيل عليهما السلام، ولا محيص عن الأخذ في الأسباب فليس المتوكل من فتح للسارق الباب، ولا من قال أنا متوكل أستغني عن الطعام والشراب. قال أفضل الأحباب لمن سأل أيعقل الناقة أم يتكل: "اعقلها وتوكل". وأفضل المتوكلين أشد عباد الله حرصا على فعل الأسباب فقد أمر بإطفاء السراج والتسمية وإغلاق الأبواب ونفض الفرش وطي الثياب وحفظ الصبيان أول الليل لانتشار الشياطين وهذا الباب لا يحصيه العادون من سنن المرسلين فالأخذ فيها لا ينافي التوكل لأنه الانقطاع عن جميع الخلق وتفويض الأمور إلى الملك الحق وحده. وحينئذ فلا بد أن يعرف فيها ثلاثة أمور.

(أحدها) : أنها لا تستقل بالمطلوب بل تتعاطى عن غير ركون إليها ومع هذا فلها موانع، فان لم يكمل الله الأسباب ويدفع الموانع لم يحصل المقصود وهو سبحانه ما شاء كان وان لم يشأ الخلق، وما لم يشأ لم يكن وان شاءه الخلق.

(الثاني) : أنه غير جائز اعتقاد أن الشيء سبب إلا بعلم فمن أثبت شيئا سببا بلا علم أو بما يخالف الشريعة كان مبطلا في إثباته آثما في اعتقاداته.

Page 170