Tawba
التوبة وظيفة العمر
Genres
فالمعرض عنه له من ضنك المعيشة بحسب إعراضه، وإن تنعم في الدنيا بأصناف النعم؛ ففي قلبه من الوحشة، والذل والحسرات التي تقطع القلوب، والأماني الباطلة، والعذاب الحاضر ما فيه، وإنما يواريه عنه سكرات الشهوات والعشق، وحب الدنيا والرياسة، وإن لم ينضم إلى ذلك سكر الخمر؛ فسكر هذه الأمور أعظم من سكر الخمر؛ فإنه يفيق صاحبه ويصحو، وسكر الهوى وحب الدنيا لا يصحو صاحبه إلا إذا كان صاحبه في عسكر الأموات.
فالمعيشة الضنك لازمة لمن أعرض عن ذكر الله الذي أنزله على رسوله"في دنياه، وفي البرزخ، ويوم معاده+(463).
ولقد عبر عن ذلك المعنى فريق كبير من الذين انحرف بهم المسار عن دين الله، ولو ذهبنا نستعرض أقوالهم لطال بنا المقام، وفيما يلي ذكر لبعض أولئك من المحدثين، ممن طارت شهرتهم، وبعد صيتهم، أو طغى غناهم وترفهم، سواء من الفلاسفة والمفكرين، أو من الفنانين والمطربين، أو غيرهم.
فأقوال هؤلاء وأحوالهم تنبيك عما في دخائل نفوسهم مع أن الناظر في أحوالهم بادىء الرأي يظن أنهم والسعادة رضيعا لبان، فإليك نماذج لبعض أولئك في الفقرة التالية: (464)
ثانيا: نماذج لبعض أحوال العصاة:
1_ الفيلسوف الألماني المشهور (فريدريك نيتشه):
بعد أن ألغى من فكره عقيدة الإيمان بالله، وحكمة الابتلاء في هذه الحياة، وأن وراء هذه الحياة حياة أخرى هي دار الخلود، والجزاء والحساب_ها هو يعرب عن دخيلة نفسه، وما يعانيه من شقاء وعذاب، فيقول: =إنني أعلم جيدا لماذا كان الإنسان هو الوحيد الذي يضحك؛ لأنه الذي يعاني أشد العناء؛ فاضطره ذلك أن يخترع الضحك+(465).
2_ الفيلسوف الإنجليزي (هربارت سبنسر):
ذلك الرجل الذي تدرس نظرياته التربوية في معظم بلاد العالم.
Page 171