Tawba
التوبة وظيفة العمر
Genres
وقال: =فإن حقيقة العبد قلبه وروحه، وهي لا صلاح لها إلا بالهها الله الذي لا إله إلا هو؛ فلا تطمئن بالدنيا إلا بذكره، وهي كادحة إليه كدحا فملاقيته، ولا بد لها من لقائه، ولا صلاح لها إلا بلقائه.
ولو حصل للعبد لذات أو سرور بغير الله_فلا يدوم ذلك، بل ينتقل من نوع إلى نوع، ومن شخص إلى شخص، ويتنعم بهذا في وقت، وفي بعض الأحوال، وتارة يكون ذلك الذي يتنعم به والتذ غير منعم ولا ملتذ له، بل قد يؤذيه اتصاله به، ووجوده عنده.
أما إلهه الحق فلا بد له منه في كل حال، وكل وقت، وأينما كان فهو معه+(443).
وقال ابن حزم×: =تطلبت غرضا يستوي الناس كلهم في استحسانه وفي طلبه فلم أجده إلا واحدا، وهو طرد الهم.
فلما تدبرته علمت أن الناس كلهم لم يستووا في استحسانه فقط، ولا في طلبه فقط، ولكن رأيتهم على اختلاف أهوائهم ومطالبهم وتباين هممهم وإراداتهم لا يتحركون حركة أصلا إلا فيما يرجون به طرد الهم، ولا ينطقون بكلمة أصلا إلا فيما يعانون به إزاحته عن أنفسهم؛ فمن مخطىء وجه سبيله، ومن مقارب للخطأ، ومن مصيب_وهو الأقل من الناس_في الأقل من أموره+(444).
إلى أن قال×=وليس في العالم مذ كان إلى أن يتناهى_أحد يستحسن الهم، ولا يريد طرده عن نفسه، فلما استقر في نفسي هذا العلم الرفيع، وانكشف لي هذا السر العجيب، وأنار الله_تعالى_لفكري هذا الكنز العظيم_بحثت عن سبيل موصلة_على الحقيقة_إلى طرد الهم الذي هو المطلوب للنفس الذي اتفق عليه جميع أنواع الإنسان_الجاهل منهم والعالم، والصالح والطالح_على السعي له، فلم أجدها(445) التوجه إلى الله_عز وجل_بالعمل للآخرة.
Page 161