43

Tatreez Riyadh As-Saliheen

تطريز رياض الصالحين

Investigator

د. عبد العزيز بن عبد الله بن إبراهيم الزير آل حمد

Publisher

دار العاصمة للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

1423 AH

Publisher Location

الرياض

نصفَينِ، وَيُمْشَطُ بأمْشَاطِ الحَديدِ مَا دُونَ لَحْمِه وَعَظْمِهِ، مَا يَصُدُّهُ ذلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللهِ لَيُتِمَّنَّ الله هَذَا الأَمْر حَتَّى يَسيرَ الرَّاكبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَموتَ ... لا يَخَافُ إلا اللهَ والذِّئْب عَلَى غَنَمِهِ، ولكنكم تَسْتَعجِلُونَ» . رواه البخاري. وفي رواية: «وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً وَقَدْ لَقِينا مِنَ المُشْرِكِينَ شدَّةً» . في هذا الحديث: مَدْحُ الصبر على العذاب في الدين، وكراهة الاستعجال. قال الله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ﴾ [البقرة (٢١٤)] . [٤٢] وعن ابن مسعودٍ ﵁ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَومُ حُنَينٍ آثَرَ رسولُ الله ﷺ نَاسًا في القسْمَةِ، فَأعْطَى الأقْرَعَ بْنَ حَابسٍ مئَةً مِنَ الإِبِلِ، وَأَعْطَى عُيَيْنَة بْنَ حصن مِثْلَ ذلِكَ، وَأَعطَى نَاسًا مِنْ أشْرافِ العَرَبِ وآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ في القسْمَةِ. فَقَالَ رَجُلٌ: واللهِ إنَّ هذِهِ قِسْمَةٌ مَا عُدِلَ فِيهَا، وَمَا أُريدَ فيهَا وَجْهُ اللهِ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لأُخْبِرَنَّ رسولَ الله ﷺ، فَأَتَيْتُهُ فَأخْبَرتُهُ بمَا قَالَ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ حَتَّى كَانَ كالصِّرْفِ. ثُمَّ قَالَ: «فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لم يَعْدِلِ ... اللهُ وَرسولُهُ؟» ثُمَّ قَالَ: «يَرْحَمُ اللهُ مُوسَى قَدْ أُوذِيَ بأكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبر» . فَقُلْتُ: لا جَرَمَ لا أرْفَعُ إِلَيْه بَعدَهَا حَدِيثًا. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَقَوْلُهُ: «كالصِّرْفِ» هُوَ بِكَسْرِ الصَّادِ المُهْمَلَةِ: وَهُوَ صِبْغٌ أحْمَر. في هذا الحديث: استحبابُ الإِعراض عن الجاهل والصفح عن الأَذى والتأَسِّي بمن مضى من الصالحين، قال الله تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا﴾ [الفرقان (٦٣)] .

1 / 46