وقال نصر بن مزاحم: عن عبد الله بن محمد قال: نادى أبو السرايا في الناس: أن اخرجوا إلى دار العباس فخرجوا حتى النساء والصبيان، قال: فلقيته حين فصل من طاق المحامل على فرس أدهم عليه قباء أبيض، وهو يقول:
قد وضح الحق لكم فسيروا .... فكلكم مؤيد منصور
سيروا بنيات لها تشمير .... ولا يميلن بكم غرور
فتبعته إلى دار العباس فلما انتهينا إلى الخندق صاح بالناس فعبروه «وتطاعنوا» بالرماح ساعة، ورماهم النشابة من فوق الدار حتى قتلوا رجلا من أهل الكوفة، ثم إن الموالي انهزموا وظفر أبو السرايا بالدار فأمر الناس بانتهاب ما فيها، وخرج النساء متلدمات، واستبطن الفضل بطن الخندق هاربا في ستة فوارس، حتى أخذ على قرية أبي حمار، ثم خرج إلى شاطئ الفرات فعبر إلى الفرات، وركب وجهة إلى بغداد.
عن نصر بن مزاحم لما نزل زهير وأصحابه، وهو على برذون أدهيم وعليه قباء ملجم بسواد.
فقال: يا أبا السرايا علاما نكثت الطاعة، وفرقت الجماعة، وهربت من الأمن إلى الخوف، ومن العز إلى الذل، أما والله لكأني بك قد أسلمك من غرك، وخذلك من استفزك، وصرت كالأشقر إن تقدمت نحرت، وإن تأخرت عقرت، وإن طلبت دنيا فالدنيا عندنا، وإن التمست الآخرة فباب الآ خرة التمسك بطاعتنا الأمان قبل العثار، والتقدم قبل التندم.
Page 468