Tatimmat Ifada
تتمة الإفادة
Genres
وكان صاحب صنعاء وهو محمد بن الناصر يعلم بدخول ولاته -عليه السلام- إلى صنعاء، وقبض وأحب من أحب التخلص من رعية صنعاء إلى ولاته فلا ينكر على أحد شيئا من ذلك، فتوفر له من صنعاء وبلادها وسائر الجهات مصالح كثيرة، وعلى الجملة فكانت واجبات بلاد الزيدية إلى حد ينبع والصفراء وأشراف مكة إلى الإمام -عليه السلام- وأحبوا من أحبه، واشتهرت بركته -عليه السلام- في أنفسهم، وأملاكهم، وأولادهم.
مولده عليه السلام بأعلى فللة، لعشر بقين من شوال سنة خمس وأربعين وثمانمائة، ودعوته في شهر شوال كما تقدم، وهذا من عجيب الاتفاق.
وأمه عليه السلام من ذرية الهادي عليه السلام ذات منصب شريف وحسب منيف.
نشأته عليه السلام:
نشأ عليه السلام منشأ آبائه الكرام، وقفى منهاج أسلافه الأعلام، لم يزل منذ عقل إلى أن كمل مولع بالعلم وتحصيله (في جميع الفنون)(1)، حتى فاز منه بالأبكار والعيون، وآب منه بما تقر به العيون، وابتدأ طلب العلم في وطنه، ثم قصد صعدة، فقرأ فيها على شيوخ عدة، رئيسهم وأشهرهم القاضي علي بن موسى الدواري أخذ عنه أكثر الفنون، وصنف فيها ولم يتم له من السنين عشرون، ثم نهض إلى حرض تهامة لسماع الحديث على العالم المحدث يحيى بن أبي بكر العامري مصنف بهجة المحافل، فسمع عليه سنن أبي داوود، واستجاز منه أكثر مسموعاته، ولم يزل يترقى في العلوم، ويدمغ غايات الوهوم، حتى برع في كل فن، خصوصا علم التوحيد والعدل، فإنه كان فيه أوحد زمانه، صنف فيه شرحا على منهاج القرشي أتى فيه بما يشهد له بالتحقيق والتدقيق، وله مصنفات غيره في سائر الفنون، وفي آخر مدته شرع(2) في جمع شرح على البحر، سلك فيه أسلوبا عجيبا.
توفى عليه السلام وقد بلغ بعض كتاب الحج في قدر مجلدين، قال بعض من رأى أحواله -عليه السلام- في مدة قرائته وإقرائه وما له من الوظائف: لقد رأيت ما لا تحتمله مقدرة بشر.
Page 82