58

Tathir Ictiqad

تطهير الاعتقاد من أدران الإلحاد

Investigator

عبد المحسن بن حمد العباد البدر

Publisher

مطبعة سفير،الرياض

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٤هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

قلتُ: نعم! ﴿يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ﴾، لكن هذا جهل منهم بمعنى الشرك، فإنَّ تعظيمَهم الأولياء ونحرَهم النحائر لهم شركٌ، والله تعالى يقول: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ أي: لا لغيره، كما يفيدُه تقديم الظرف١، ويقول تعالى: [٧٢: ١٨] ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ وقد عرفتَ بما قدَّمناه قريبًا أنَّه ﷺ قد سمَّى الرياءَ شركًا، فكيف بما ذكرناه؟! فهذا الذي يفعلونه لأوليائهم هو عين ما فعَلَه المشركون وصاروا به مشركين، ولا ينفعهم قولهم: نحن لا نشركُ بالله شيئًا، لأنَّ فعلَهم أَكْذبَ قولَهم. فإن قلتَ: هم جاهلون أنهم مشركون بما يفعلونه. قلتُ: قد صرَّح الفقهاء في كتب الفقه في باب الرِّدة أنَّ مَن تكلَّم بكلمة الكفر يَكفر وإن لَم يقصد معناها٢، وهذا دالٌّ على أنَّهم لا

١ الذي في الآية جار ومجرور، وليس بظرف، وهو متعلق بـ ﴿فَصَلِّ﴾ قبلها، وقد حذف الجار والمجرور المتعلق بـ ﴿وَانْحَرْ﴾، وهو ما بعدها، أي: فصلِّ لربِّك وانحر له، وهو مثل قوله تعالى: ﴿يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ﴾، أي: منه، والمثال المطابق لما ذكره المصنف من تقديم الجار والمجرور قوله: ﴿وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾، أي: لا إلى غيره، وقوله: ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾، أي: لا على غيره. ٢ هذا ليس على إطلاقه؛ فقد يحصل مثل ذلك عن إكراه أو سبق لسان بدون قصد للفرح الشديد مثلًا، كالذي وجد ناقته بعد أن يئس منها، وقال: "اللَّهمَّ أنت عبدي وأنا ربُّك" رواه مسلم (٢٧٤٧)، وقد مرَّ تفصيل القول في هذه المسألة في الفصل الخامس من المقدمة.

1 / 65