Tasliyat Mujalis
تسلية المجالس و زينة المجالس - الجزء1
Genres
قال: فأخفى يوسف تلك الكلمة التي قالوها (ولم يبدها لهم) ، بل (قال أنتم شر مكانا) في السرق لأنكم سرقتم أخاكم من أبيكم (والله أعلم بما تصفون) (1).
والظاهر أنه أسر هذا المقال في نفسه، ثم جهر بقوله: (والله أعلم بما تصفون) فأقبلوا بالخضوع على يوسف والاستعطاف قائلين: (يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه) ، إنما قالوا هذا لما علموا أنه استحقه فسألوه أن يأخذ عنه بدلا شفقة على والدهم، ورققوا (2) في القول على سبيل الاسترحام ومعناه كبيرا في السن؛ وقيل: كبيرا في القدر، فلا ينبغي أن يسترق ولده (إنا نراك من المحسنين) . (3)
فأجابهم يوسف: (معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده) (4) أي نأخذ البريء بجرم السقيم، ولم يقل: «من سرق» تحرزا من الكذب، فلما استيأسوا من يوسف أن يجيبهم إلى ما سألوه انفردوا عن الناس من غير أن يكون معهم من ليس منهم يتناجون فيما يفعلون في ذهابهم لأبيهم بغير أخيهم وهل يرجعون أو يقيمون.
قال كبيرهم وهو روبيل، وكان أسنهم، وكان ابن خالة يوسف، وهو الذي نهى إخوته عن قتله: (ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله) فذكرهم بذلك (فلن أبرح الأرض) أي لا أزال بهذه الأرض، ولا أزول عنها
Page 111