323

Tashnīf al-masāmiʿ bijamʿ al-jawāmiʿ li-Tāj al-Dīn al-Subkī

تشنيف المسامع بجمع الجوامع لتاج الدين السبكي

Editor

د سيد عبد العزيز - د عبد الله ربيع، المدرسان بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر

Publisher

مكتبة قرطبة للبحث العلمي وإحياء التراث

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٨ هـ - ١٩٩٨ م

Publisher Location

توزيع المكتبة المكية

Genres

وإنَّما حُكْمُه بالقَتْلِ والجَلْدِ وغيرِهما، والموصوفُ بتلكَ الصِّفَاتِ يَعُمُّ مُتَعَلِّقُ هذه الأحكامِ، هذا حاصلٌ ما قالَ.
وذَكَرَ الأصْفَهَانِيُّ شَارِحَ (المحصولِ) نحوه، قالَ: ولا يُقَالُ: إنَّه لِمَا كانَ موصوفًا بالمُشْتَقِّ منه وهو الزنَا والسرقةُ وَجَبَ عليه ما هو مُقْتَضَى ذلك، ثمَّ يَسْتَوْفِي منه ما وَجَبَ أولًا؛ لأنَّا نَقُولُ: هذا غيرُ واقِعٍ لِمَا ذَكَرْنَا؛ لأنَّ كلامَنَا مَفْرُوضٌ في امتثالِ الأمْرِ، وذلك الأَمْرُ أمْرٌ بجَلْدِ الزانِي وقَطْعِ السارقِ، ولو كانَ بقاءُ وجْه الاشتقاقِ شَرْطًا، لم يَبْقَ زانيًا ولا سارقًا بعدَ انقضائِه، فلا يَكُونُ الجَلْدُ جَلْدًا لزانٍ، ولا القَطْعُ قَطْعًا لسارقٍ، فلا يَقَعُ امتثالًا للأمْرِ، والحقُّ أنَّ اسمَ الفاعلِ لا دلالَةَ له على زَمَنِ الخِطَابِ الْبَتَّةَ، بل مَدْلُولُه شَخْصٌ مُتَّصِفٌ بِصَفَةٍ صَادِرَةٍ منه لا تُعْرَضُ له لزمانٍ، كما هو شأنُ الأسماءِ كلِّها، وإذا لم يَدُلَّ على الزمانِ الأَعَمِّ من الحالِ فلا يَدُلُّ على الحالِ الأَخَصِّ منه بالأوْلَى، وإنَّما جَاءَ الفَسادُ من جِهَةِ أنَّهم فَهِمُوا من قولِنا: زيدٌ ضاربٌ، أنَّه ضاربٌ في الحالِ، فاعْتَقَدُوا أنَّ هذا لدلالَةِ اسمِ الفاعلِ عليه، وهو باطلٌ؛ لأنَّك تَقُولُ: هذا حَجَرٌ، وتُرِيدُ إنسانًا، فيُفْهَمُ منه الحالُ أيضًا، مع أنَّ الحَجَرَ والإنسانَ لا دَلالَةَ لهُما على الزمانِ، وهذا مِن تَحْقِيقِ والِدِ المُصَنِّفِ رَحِمَهُما اللهُ تعالَى.
ص: (وقيلَ: إنْ طَرَأَ على المَحَلِّ وَصْفٌ وُجُودِيٌّ يُنَاقِضُ الأوَّلَ، لم يُسَمَّ بالأوَّلِ إجْمَاعًا).
ش: جَعَلَ بعضُهم مَحَلَّ الخلافِ فيما إذا لم يَطْرَا على المَحَلِّ ما يُنَاقِضُه، كالقاتلِ والسارقِ، فيَبْقَى صِدْقُ المُشْتَقِّ على قَوْلٍ، فإنْ طَرَأَ عليه ما يُضَادُّه، واشْتَقَّ له اسمُ غيرَ المُشْتَقِ الأوَّلِ، فحينَئذٍ لا يُصَدَّقُ المُشْتَقُّ الأوَّلُ قَطْعًا، كاللونِ إذا قَامَ به البياضُ يُسَمَّى أَبْيضُ، فإذا اسْوَدَّ لا يُقَالُ في حالة السَّوادِ: إنَّه أَبيضُ بالإجماعِ، وهذا مُتَّجَهٌ، وكلامُ الآمِدِيِّ في أثناءِ الحجَّاجِ يَدُلُّ عليه، فلا وَجْهَ

1 / 418