ص: (مسألةٌ: الاشتقاقُ: رُدَّ لَفْظٌ إلى آخَرَ ولو مَجازًا، لمُنَاسبَةٍ بينَهما في المعنَى والحروفِ الأصْلِيَّةِ).
ش: قولُه: (رُدَّ لَفْظٌ) جِنْسٌ، والمرادُ به جَعَلَ أحدَهُما أَصْلًا، والآخَرَ فَرْعًا، والفَرْعُ مَرْدُودٌ إلى الأصلِ، وشَمِلَ اللفظُ للاسِمِ والفِعْلِ، وقولُه: (ولو مَجازًا) إشَارَةٌ إلى أنَّ الاشتقاقَ يكونُ من حقيقةٍ، ولا خلافَ فيه، ويكونُ من مجازٍ، وخَالَفَ فيه القَاضِي أَبُو بَكْرٍ، والغَزَالِيُّ، والكَيَا، فمَنَعُوا الاشتقاقَ من المَجَازَاتِ، وقالُوا: إنَّما يَكُونُ الاشتقاقُ من الحقائقِ، كالأمْرِ، فإنَّه يَشْتَقُّ منه الآمِرَ والمَامُورَ وغيرَهما، باعتبارِ معنَاها الذي هو الفِعْلُ لكونِه مجازًا فيه، والرَّاجِحُ الجوازُ فيه كالحقيقةِ، ويَشْهَدُ له إجماعُ البيانِيِّينَ على صِحَّةِ الاستعارَةِ التَّبَعِيَّةِ وهي مُشْتَقَّةٌ من المجازِ؛ لأنَّ الاستعارَةَ أوْلًا تكونُ في المَصْدَرِ، ثم يُشْتَقُّ منه، ولأجْلِ الخلافِ فيه أَتَى المُصَنِّفُ بـ (لو).
وقولُه: (لِمُنَاسَبَةٍ)؛ أي: بأنْ يَكُونَ فيه معنَى الأصْلِ، إمَّا معَ زيادَةٍ كالضربِ والضاربِ، فإنَّ الضاربَ ذاتَ له الضربَ، وإمَّا دونَها كالقَتْلِ مَصْدَرًا من قَتْلٍ.
وقولُه: (والحروفُ الأصْلِيَّةِ) خَرَجَتِ الزيادَةُ فلا عِبْرَةَ بها كالاسْتِعْجَالِ والاشتقاقِ، ولا يُشْتَرَطُ في الأصلِيَّةِ أنَّ تكونَ مَوْجُودَةٌ؛ لأنَّه رُبَّما حَذَفَ بعضَها لمانِعٍ، كخَفْ من الخَوْفِ، نَعَمْ، يُشَتَرَطُ التَّرْتِيبُ، وأَهْمَلُوهُ.