الحَدِّ الحقيقيِّ فَإِنَّ الطَّرْدَ والعَكْسَ فيه مِنْ لَوَازِمِ صِحَّتِهِ؛ لأنَّهُمَا يَتْبَعَانِ المَاهِيَّةَ بالضرورةِ.
الثانِي: استعمالُ المُطَّرِدِ مَرْدُودٌ في العربيةِ، وَكَذَا قَوْلُهُمْ: اطَّرَدَ، وَقَدْ نَصَّ سِيبَوَيْهِ على مَنْعِهِ، فَقَالَ في بابِ مَا طَاوَعَ الذي فَعَلَهُ على فِعْلٍ: وَرُبَّمَا اسْتَغْنَى عَنِ انْفَعَلَ في هذا البابِ، فَلَمْ يُسْتَعْمَلْ، وذلكَ مِثْلُ قَوْلِهِ: طَرَدْتُهُ فَذَهَبَ، وَلاَ يَقُولُونَ: فَانْطَرَدَ، وَلاَ فَاطَّرَدَ، يَعْنِي أَنَّهُمْ اسْتَغْنَوْا عَنْ لَفْظِهِ بلفظٍ لكونِهِ في معنَاهُ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يَقُولُونَ: طَرَدُّتُهُ فَذَهَبَ، وَلاَ يَقُولُ مِنْهُ انْفَعَلَ وَلاَ افْتَعَلَ إِلاَّ في لُغَةٍ رَزِيلَةٍ.
قُلْتُ: على هذه اللغةِ قَوُلُ الشاعرِ - وهو قَيْسُ بْنُ الخَطِيمِ - أَنْشَدَهُ صاحبُ (المُحْكَمِ):
*أَتَعْرِفُ رَسْمًا كَالطِّرَادِ المَذْهَبِ* ... وعليه يِتَخَرَّجُ قَوْلُ الْمَنْطِقِيِّينَ.
الثالثُ: إِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الحَدَّ عَقِبَ الدليلَ لانحصارِ المطالِبُ فيها، فالدليلُ بأقسامِهِ لبيانِ المطلوبِ التصديقِيِّ، والحَدُّ بأقسامِهِ لبيانِ المطلوبِ التصوُّرِيِّ.