118

Tasdīd al-iṣāba fīmā shajara bayna al-ṣaḥāba

تسديد الإصابة فيما شجر بين الصحابة

Publisher

مكتبة المورد

Edition

الثانية

Publication Year

١٤٢٥ هـ

Genres

قُلْنا: لأنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ونُظَرَاءهِ هُم مِنَ السَّابِقِيْنَ الأوَّلِيْنَ الَّذِيْنَ صَحِبُوهُ في وَقْتٍ كان خَالِدٌ وأمْثَالُهُ يُعَادُوْنَهُ فِيْهِ، وأنْفَقُوا أمْوَالَهُم قَبْلَ الفَتْحِ وقَاتَلُوا وهُمْ أعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِيْنَ أنْفَقُوا مِنْ بَعْدِ الفَتْحِ وقَاتَلُوا، وكُلًا وَعَدَ اللهُ الحُسْنى، فَقَدْ انْفَرَدُوا مِنَ الصُّحْبَةِ بِمَا لم يَشْرَكْهُم فِيْهِ خَالِدٌ ونُظَرَاؤُهُ ممَّن أسْلَمَ بَعْدَ الفَتْحِ - الَّذِي هُوَ صُلْحُ الحُدَيْبِيَّةِ - وقَاتَلَ، فَنَهَى أنْ يَسُبَّ أُوْلَئِكَ الَّذِيْنَ صَحِبُوهُ قَبْلَهُ، ومَنْ لم يَصْحَبْهُ قَطُّ نِسْبَتُهُ إلى مَنْ صَحِبَهُ كَنِسْبَةِ خَالِدٍ إلى السَّابِقِيْنَ وأبْعَدُ. وقَوْلُهُ: «لا تَسُبُّوا أصْحَابي» خِطَابٌ لِكُلِّ أحَدٍ أنْ لا يَسُبَّ مَنِ انْفَردَ عَنْهُ بِصُحْبَتِهِ ﵊، وهَذَا كَقَوْلِهِ ﵊ في حَدِيْثٍ آخَرَ: «أيُّها النَّاسُ إنِّي أتِيْتُكُم، فَقُلْتُ: إنِّي رَسُوْلُ اللهِ إلَيْكُم، فَقُلْتُم: كَذَبْتَ، وقَالَ أبُو بَكْرٍ: صَدَقْتَ، فَهَلْ أنتُمْ تارِكُوا لِي صَاحِبِي ...؟» (١)، أو كَمَا قَالَ بأبِي هُوَ وأُمِّي (، قَالَ ذَلِكَ لَمَّا عَايَرَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ أبا بَكرٍ، وذَلِكَ الرَّجُلُ مِنْ فُضَلاءِ أصْحَابِهِ، ولَكِنِ امْتَازَ أبُو بَكْرٍ عَنْهُ بِصُحْبَتِهِ وانْفَرَدَ بِهَا عَنْهُ» (٢).

(١) أخْرَجَهُ البُخَارِيُّ «فَتْحُ البَارِي» (٨/ ٣٠٣).
(٢) «الصَّارِمُ المَسْلُوْلُ على شَاتِمِ الرَّسُوْلِ» لابنِ تَيْمِيَّةَ (٥٧٦ - ٥٧٧).

1 / 124