Tasawwuf Wa Imam Shacrani
التصوف الإسلامي والإمام الشعراني
Genres
ومما يمنع شرعا إطلاق بعضهم على الله تعالى: الخمار، والساقي، وراهب الدير، وصاحب الدير، وليلى، ولبنى، وسعدى، وأسماء، ودعد، وهند، والكنز الأكبر ونحو ذلك، وكذلك لا يجوز إجماعا إرادة ذاته تعالى بقول بعضهم:
أنا من أهوى ومن أهوى أنا
نحن روحان حللنا بدنا
وقول بعضهم:
تمازجت الحقائق بالمعاني
فصرنا واحدا روحا ومعنى
فكل هذا وأمثاله لا يجوز عند أهل السنة والجماعة، وقد سألت سيدي عليا الخواص عن التغزلات التي في كلام القوم: هل مرادهم بها الله تعالى؟ فقال: لا، إنما مرادهم بها الخلق، ولكن يفهم الفاهم منها في حق الحق ما يبعثه عند سماعها إلى الحضور مع الحق.
قال: لأن أولياء الله تعالى أعرف الخلق بالله تعالى بعد الرسل والأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - ويجلون الحق تعالى عن أن يجعلوه محلا لتغزيلاتهم؛ فلذلك ضربوا الأمثال بالمحبين والمحبوبين من قيس ولبنى ونحو ذلك.
وكذلك مما ينبغي اجتنابه قول بعضهم: ما في الوجود إلا الله، وقولهم: إن الله في قلوب العارفين. وإنما الصواب أن يقال: ما في الوجود في الأزل إلا الله، ومعرفة الله في قلوب العارفين، وإليه الإشارة بحديث: «وسعني قلب عبدي المؤمن.» أي وسع معرفتي من غير إحاطة بي، وكذلك مما ينبغي اجتنابه قولهم: هذا زمان سوء؛ لأن الزمان هو الدهر، والدهر هو الله، وكذلك قول بعض الخطباء: سبحان من لم يزل معبودا؛ لأنه عبد عند من لم يعلم كونه معبودا بالقوة؛ أي أهلا لأن يعبد؛ لأنه يوهم قدم العالم، وذلك كفر.
ومما يجب اجتنابه قولهم: يا قديم الزمان؛ لأن الرب لا يتقيد بالزمان؛ فهو كلام باطل، وكذلك قول بعضهم: كل ما يفعله الله خير؛ لإيهامه نفي وجود الشر في العالم، وأن كل ما يكسبه العبد من المعاصي خير، وكذلك قول: فلان يطلع على الغيب؛ لأنه يوهم باطلا، وإنما الأدب أن يقال: فلان له فراسة صادقة، أو كشف، أو اطلاع فقط؛ لئلا يزاحم الرسل في مقام العلم والقطع، فإنه ليس للأولياء إلا الظن الصادق فقط، الذي هو في اصطلاحهم عبارة عن الاعتقاد الصحيح الجازم المطابق للواقع فقط، وهذا الظن هو الذي يسمونه إلهاما وفتحا وكشفا.
Unknown page