Tasawwuf Wa Imam Shacrani
التصوف الإسلامي والإمام الشعراني
Genres
ويقول في الفتوحات: «لا حلول ولا اتحاد، فإن القول بالحلول مرض لا يزول، وما قال بالاتحاد إلا أهل الإلحاد، كما أن القائل بالحلول من أهل الجهل والفضول، ومن دينه معلول.»
ويقول في باب الأسرار: «أنت أنت، وهو هو، فإياك أن تقول كما قال العاشق: أنا من أهوى ومن أهوى أنا، فهل قدر هذا أن يرد العين واحدة، لا والله، والجهل لا يتعقل حقا.»
وقال أيضا: «إياك أن تقول: أنا هو، وتغالط؛ فإنك لو كنت هو لأحطت به كما أحاط تعالى بنفسه.»
ثم يقول: «لو صح أن يرقى الإنسان عن إنسانيته، والملك عن ملكيته ويتحد بخالقه تعالى؛ لصح انقلاب الحقائق، وخرج الإله عن كونه إلها، وصار الحق خلقا، والخلق حقا، وما وثق أحد بعلم، وصار المحال واجبا، فلا سبيل إلى قلب الحقائق أبدا.»
ويقول الجنيد شيخ الطريقة في الرد على الفجرة الفسقة أصحاب وحدة الوجود: «إن هذا كلام من يقول بالإباحة. والسرقة والزنا عندنا أهون حالا ممن يقول بهذه المقالة.»
وسئل العارف الرباني الإمام سهل بن عبد الله التستري عن ذات الله - عز وجل - فقال: «ذات الله موصوفة بالعلم، غير مدركة بالإحاطة، ولا مرئية بالأبصار في دار الدنيا، وهي موجودة بحقائق الإيمان من غير حد ولا حلول، وتراه العيون في العقبى ظاهرا في ملكه وقدرته، وقد حجب الخلق عن معرفة كنه ذاته، ودلهم عليه بآياته، فالقلوب تعرفه، والعقول لا تدركه، ينظر إليه المؤمنون بالأبصار من غير إحاطة ولا إدراك نهاية.»
ويقول أيضا مخاطبا الغرور البشري والوجود الإنساني: «يا مسكين، كان الله ولم تكن، ويكون الله ولا تكون، فلما كونك اليوم صرت تقول: أنا وأنا، كن الآن كما كنت قبل تكوينك، واعرف فاقة نفسك وحقارتها، ونزلها منزلتها من الذلة والاحتقار.»
ويقول الشعراني في المنن: «وبعضهم رأى أن كل شيء في الوجود هو الله، وأن عين هذا الوجود الحادث هو عين الله، من الجماد والنبات والعقارب والحيات، والجان والإنسان، والملك والشيطان، ويجعلون الخالق هو عين المخلوق من خسيس ونفيس، ومرجوم وملعون حتى إبليس. وهذا كلام لا يرضاه أهل الجنون، ولا من كان في حبه مجنون. والذي أقوله: إن إبليس لو ظهر ونسب إليه هذا المعتقد لتبرأ منه واستحى من الله تعالى، وإن كان هو الذي يلقي إلى نفوسهم ذلك.
وقد حكيت لسيدي علي الخواص بعض صفات هؤلاء الذين يقولون هذا القول فقال: هؤلاء زنادقة، وهم أنجس الطوائف؛ لأنهم لا يرون حسابا ولا عقابا، ولا جنة ولا نارا، ولا حلالا ولا حراما ولا آخرة، ولا لهم دين يرجعون إليه ولا معتقد يجتمعون عليه، وهم أخس من أن يذكروا؛ لأنهم خالفوا المعقولات والمنقولات والمعاني وسائر الأديان التي جاءت بها الرسل عن الله تعالى، ولا يعلم أحدا من طوائف الكفار اعتقد اعتقاد هؤلاء، فإن طائفة من النصارى قالت المسيح ابن الله، وكفرهم القوم الآخرون، وطائفة من اليهود قالت العزير ابن الله، وكفرهم القوم الآخرون، فلم يجعلوا الوجود عين الله تعالى.»
مقام الفناء وأخطاء الحلوليين
Unknown page