Tasawwuf Wa Imam Shacrani
التصوف الإسلامي والإمام الشعراني
Genres
إن العالم الإسلامي اليوم - وهو على أبواب وثبة من وثباته التاريخية - يجب أن يتنبه لهذا، يجب أن يتوافر العلماء والكتاب والباحثون على التاريخ الإسلامي ليعرضوه عرضا جديدا كريما، وليكتبوه من جديد على ضوء العلم والمعرفة والروح الإسلامي النقي الملهم.
يقول الإمام ابن الجوزي في المنتظم: «ولما جاء النبي - صلوات الله وسلامه عليه - وقهر الأملاك وقمع الإلحاد، اجتمع جماعة من الثنوية والملحدين ومن دان بدين الفلاسفة المتقدمين فأعملوا رأيهم، وقالوا: ثبت عندنا أن جميع الأنبياء كذبوا وخرقوا على أممهم، وأعظم الكل بلية علينا محمد
صلى الله عليه وسلم ؛ فإنه نبغ بين العرب العظام وخدعهم بناموسه، فنصروه وبذلوا أموالهم وأنفسهم وأخذوا ممالكنا. وقد طالت مدتهم، والآن فقد تشاغل أتباعه، ومنهم مقبل على كسب المال، ومنهم على تشييد البنيان، ومنهم على الملاهي، وقد ضعفت أبصارهم، ونحن نطمع في إبطال دينهم، إلا أننا لا يمكننا محاربتهم لكثرتهم، فليس إلا الدس في آرائهم والانتماء إلى فرقهم؛ لنستعين بهم على إبطال دينهم.»
ذلك ما يقوله الإمام ابن الجوزي كاشفا به عن لون من ألوان التزييف المتعمد في التاريخ الإسلامي، وكاشفا به عن لون عجيب من ألوان الهدم والتضليل في صفوف المسلمين.
فإن هؤلاء المتآمرين من الملاحدة وأصحاب المذاهب الفلسفية المنقرضة قد جعلوا مؤامرتهم الكبرى ذات شعبتين؛ الأولى: مهمتها الدس والافتراء بتزييف الآراء، وصوغ العقائد الباطلة ونسبتها إلى رجال الفكر والعقائد؛ للبلبلة والإفساد.
والشعبة الثانية: تندس بين صفوف الفرق والمذاهب الإسلامية لتوقع بينها، وتضخم من خلافاتها، ولتزيف عليها مبادئها وعقائدها.
ولون آخر أعجب من هذا تكفل به رجال مسلمون، أغرموا بأن يلبسوا آراءهم القوة والمكانة، فنسبوها إلى الأئمة والقادة، يقول ابن الفراء في طبقاته، نقلا عن أبي بكر المرزوي ومسدد وحرب: إنهم قد رووا الكثير من المسائل ونسبوها إلى أحمد بن حنبل. وبعد أن يفيض في ذكر هذه المسائل يقول: «رجلان صالحان بليا بأصحاب سوء: جعفر الصادق وأحمد بن حنبل؛ أما جعفر فقد نسبت إليه أقوال كثيرة دونت في فقه الشيعة الإمامية على أنها له وهو بريء منها، وأما أحمد فقد نسب إليه بعض الحنابلة آراء في العقائد لم يقل بها، وإن هذا بلا شك يثير الريب في نسبة الفقه الحنبلي إلى أحمد.»
وابن الفراء عالم وفقيه ومؤرخ حجة، ومع هذا فهو يتشكك إلى درجة الريب في نسبة الفقه الحنبلي إلى أحمد بن حنبل.
وإنه لشيء عجيب ومذهل حقا أن يزيف على الأمة الإسلامية مذهبا من مذاهبها الكبرى، وأن يقوم بهذا التزييف أصدقاء الإمام نفسه وأتباعه.
وجاء في رسالة الإسلام
Unknown page