Tarjama Fi Calam Carabi
الترجمة في العالم العربي: الواقع والتحدي: في ضوء مقارنة إحصائية واضحة الدلالة
Genres
معنى هذا أن هناك إدراكا عربيا رسميا لدور الترجمة وتدني وضعها، ولكن في حدود الإدراك النظري للموقف دون أن يصدقه سلوك عملي ووعي قومي. ولهذا نرى نشاط الترجمة بؤرا متناثرة على صعيد الأرض العربية، ولا يخرج عن كونه جهودا شكلية لمراكز أو منظمات أو مؤسسات هي في حقيقتها مجرد دور نشر.
ويمكن أن نلخص حقيقة الوضع العربي الراهن للترجمة فيما يلي: (1)
أكثر البلدان العربية حديثة العهد بنشاط إصدار الكتب تأليفا وترجمة، بل إن هناك بلدانا ليس لها اسم على خريطة صناعة الكتب. (2)
الترجمة من حيث الكم متدنية أشد التدني قياسا إلى البلدان الأخرى، وقياسا إلى مقتضيات حضارة العصر والنهوض بالإنسان وبالوطن. (3)
الترجمة على الرغم من تدنيها ومحدوديتها هي نشاط فردي، حتى وإن صدرت باسم مؤسسة ما هنا أو هناك؛ إذ هي جهد متباين التوجهات، مما يعكس غياب رؤية وخطة عربية عامة أو محلية تعي مقومات العصر وتحدياته، وتمثل استجابة لها. (4)
نسبة الكتاب المترجم أقل من ٪10 من إجمالي الإصدارات على المستوى العربي، وهي أربعة في الألف بالنسبة للإصدارات المترجمة عالميا سنويا، بينما نسبة عدد العرب إلى العالم واحد على أربعة وعشرين. وسبق أن أشرنا في كتابنا «الترجمة في العالم العربي: الواقع والتحدي»، ما سبق أن نشرته منظمة التربية والثقافة والعلوم التابعة للجامعة العربية في كتابها الصادر عام 1996م، من أن إجمالي عدد الكتب المترجمة إلى العربية منذ عهد خالد بن يزيد حتى عام إصدار الكتاب، لا يتجاوز عشرة آلاف عنوان، وهو ذات عدد إصدارات إسبانيا في عام واحد من الكتب المترجمة. (5)
الغالبية العظمى من الكتب المترجمة لا تربطنا بما يسمى العلوم الأساسية
Basic Sciences ، التي هي دعامة البناء الحضاري، وحصاد جهود البحث والتطوير والمنافسة. ولكن غالبية ما يوصف بالكتب العلمية هي علوم تطبيقية، مثل إصلاح الحاسوب مثلا. ولا يكشف الكتاب المترجم عن توجه مجتمعي ماكرو... أي توجه كلي وشامل لحركة مجتمعية ناهضة في اتجاه العصر. والقليل النادر الذي يهدف إلى صوغ ذهنية علمية إبداعية نقدية. (6)
ثمة حاجز فاصل كثيف بين بلدان ومثقفي العالم العربي وبين إصدارات العالم المتقدم؛ لأسباب ثقافية، فضلا عن أن استيراد الكتاب جهد فردي. هذا علاوة على أن المجتمعات العربية موزعة كل تحت سيادة لغة أجنبية هي لغة المستعمر السابق، مما يجعل كلا منها خاضعة لرؤية ثقافية منحازة. وتعاني مشكلة توحيد المصطلحات العلمية عربيا على الرغم من وجود «مكتب تنسيق التعريب» في الرباط التابع لجامعة الدول العربية. (7)
قدر كبير من الترجمات صادر عن دور نشر لحساب هيئات ومراكز دبلوماسية أجنبية؛ ولذلك فإنها تعكس رؤاها ومصلحتها. ومن هنا جاءت دعوتنا إلى «تعريب الترجمة»، بمعنى أن تصدر انطلاقا من رؤية عربية نهضوية خالصة. (8)
Unknown page