Tarikh Usra Taymuriyya
تاريخ الأسرة التيمورية
Genres
وبيت تاريخها وفيه تاريخان:
سما إسماعيل بك تيمور فردا
لرتبة ازدهى ديوان أفندي
ثم حدث ما أغضب الوالي - وكان سريع الغضب - فاشتد على رجال ديوانه، كبيرهم وصغيرهم، وبدرت منه كلمات على مرأى ومسمع منهم لم يتحملها المترجم، فخرج من بينهم متأثرا وأرسل يستعفيه من منصبه فلم يعفه، ولكنه أصر، وبقي أياما والوالي يرسل إليه وهو يرد الرسول مستعفيا حتى أعفاه.
حدث بعض من كان معه في الديوان أن أصدقاءه فيه لما رأوا وقوفه تلك الوقفة خشوا عليه البطش، فزاروه ليلا وأشاروا عليه بالامتثال، وذكروه بمغبة المعاندة، فلم يجد نصحهم فيه وخرجوا كما أتوا، ولكن واحدا منهم تأثر فوقف وقال: إنما نصحناك أيها الأخ إشفاقا على مهجتك، وكلنا مستحسنون لعملك، فوالله لو كان فينا عشرة مثلك لما ديست أقدارنا، ولكان لهذه المناصب شأن غير هذا.
ولم يكن للمترجم حظ في دولة الخديو إسماعيل باشا، فبقي شطرا من حكمه بعيدا عن مشاغل الحكومة، متنقلا بين كتبه وضياعه معتذرا عن الاستخدام كلما طلب له؛ تفضيلا لما هو أهم في نظره، ولشيء كان يعلمه في نفس الخديو منه حتى صادفه مرة في متنزه الجزيرة، فسلم كما يسلم على الناس ثم تنبه له، فالتفت وأشار إليه بالسلام مرارا فلم يسعه إلا اتباع موكبه إلى قصره والتماس مقابلته لشكره على صنيعه، فلما مثل بين يديه أقبل عليه إقبالا غير منتظر، ثم دخل إسماعيل باشا صديق المفتش المشهور في تاريخ مصر وكأنه جهل المترجم أو تجاهله، ولحظ الخديو منه ذلك، فقال له ممازحا: «يشاع على الألسنة الآن أنه إذا اجتمع اثنان متفقان في الاسم لا يدخل بينهما شيطان، فكيف إذا كانوا ثلاثة؟!» ثم عرفه به فاعتذر إليه بدهشة القدوم وطول العهد به.
وبعد أن خرج من حضرته أنعم عليه برتبة باشا، ثم اختاره ناظرا لخاصة ولي العهد محمد توفيق باشا فقبلها متورطا؛ لأن نفسه كانت سئمت الاستخدام بعد أن ذاقت حلاوة العزلة ومنادمة الكتب.
وما أشيع من أنه قال عندما بلغه الأمر: «أبعد خدمتي للحكومة ورئاستي على الديوان أجعل في آخر عمري مربيا للأطفال؟!» فليس بصحيح.
وقدر الله أنه لم يمض عليه فيها ستة أشهر حتى فاجأه أجله بين غروب يوم الخميس 25 شوال سنة 1289 وهو يصلي الركعة الأخيرة من المغرب بقصر ولي العهد بالقبة، فنقل من ساعته إلى داره، ودفن في اليوم التالي بجوار والده. ورثته ابنته السيدة عائشة بقصيدة مثبتة في ديوانها مطلعها:
عز العزاء على بني الغبراء
Unknown page