Tarikh Umma Casr Ittisaq
عصر الاتساق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الرابع)
Genres
أما ابن ملجم فقدم الكوفة، واتفق مع شبيب بن بجرة الأشجعي على قتل علي في ليلة الجمعة، حين يخرج إلى المسجد لصلاة الغداة (الفجر). فلما كانت ليلة الجمعة وخرج علي لصلاته، وجعل ينادي الناس: الصلاة. فاغتاله ابن ملجم، وهو يقول: الحكم لله يا علي لا لك ولا لأصحابك. فنادى علي: لا يفوتنكم الرجل. وشد الناس عليه فلم يفلت، وأدخل على علي، فقال: النفس النفس، إن أنا مت فاقتلوه، وإن بقيت رأيت فيه رأيي. وبقي علي إلى يوم الأحد، ولما استراح من وجعه، سأله جندب بن عبد الله، فقال: إن فقدناك - ولا نفقدك - فنبايع الحسن؟ فقال: ما آمركم ولا أنهاكم، أنتم أبصر. ثم دعا الحسن والحسين، وأوصاهما بتقوى الله وألا يبغيا الدنيا، ولا يبكيا على شيء زوي عنهما، وأن يقولا الحق ويرحما اليتيم، ويغيثا الملهوف، ويصنعا للآخرة، ويكونا للظالم خصما، وللمظلوم ناصرا، ويعملا بما في كتاب الله، ولا يأخذهما في الله لومة لائم.
ولما لقي ربه بايعه الناس، وكان أول من بايعه قيس بن سعد بن عبادة، قال له: ابسط يدك أبايعك على كتاب الله وسنة نبيه، وقتال المخلين. فقال الحسن: على كتاب الله وسنة نبيه، فإن ذلك يأتي من وراء كل شرط. ثم خرج إلى المدائن، وبعث قيس بن سعد في اثني عشر ألفا، وأقبل معاوية في أهل الشام حتى نزل في مسكن.
3
ولم يلبث الحسن أن يصل إلى المدائن، حتى نادى مناد أن قيس بن سعد قد قتل. فنفر الناس، ونهبوا سرادق الحسن، حتى نازعوه بساطا كان تحته، وخرج الحسن حتى لجأ إلى المقصورة البيضاء في المدائن، ثم بعث إلى معاوية يطلب الصلح، فبعث إليه معاوية عبد الله بن عامر، وعبد الرحمن بن سمرة بن حبيب، فأعطياه ما أراد، وصالحاه على أن يأخذ من بيت مال الكوفة خمسة آلاف ألف وأشياء أخرى اشترطها.
4
وكان الحسن كارها لذلك كله، ودخل معاوية الكوفة فبايعه الناس، وكان ذلك لخمس بقين من ربيع الأول سنة 41ه بمحضر الحسنين اللذين غادرا الكوفة إلى المدينة. ولم يلبث الحسن أكثر من شهرين حتى مات.
وأخذ معاوية يرتب أمور العراق، فولى البصرة عبد الله بن عامر، وطلب إليه أن يستمر في حرب سجستان وخراسان، وقفل هو إلى الشام، فغزا بلاد الروم وهزمهم، وقتل جماعة من بطاركتهم.
5
واستقرت له الأمور. (2) خلافة معاوية 40-60ه/660-680م
هو أبو عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان بن صخر بن حرب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، وأمه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وكان أمية من سادات قريش وتجارها، كثير المال والجاه، وكان ابن حرب قائد قريش يوم الفجار، وكان أبو سفيان من أشياخ مكة، أسلم في السنة التي فتح فيها الرسول مكة، قائد حروب قريش ضد النبي، وهو صاحب العير التي قدمت من الشام إلى مكة، والتي من أجلها وقعت غزوة بدر الكبرى، وكان التنافس بين هاشم بن عبد مناف، وأخيه عبد شمس بن عبد مناف قديما منذ الجاهلية، ولهذا لا عجب أن استمر هذا التنافس بينهما في الإسلام.
Unknown page