187

Tarikh Umma Casr Intilaq

عصر الانطلاق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثاني)

Genres

على رسول الله. وكذلك «أم كلثوم»، فقد كانت تحت عتيبة بن أبي لهب، أخي عتبة، وقد طلقها أيضا بعد أن نزلت سورة «تبت».

وأما ابنته السيدة فاطمة، فقد ولدت سنة إحدى وأربعين من مولده، وزوجها النبي من ابن عمه علي بن أبي طالب في السنة الثامنة، وقد ظلت معه طوال عمره وبقيت بعد قتله بستة أشهر، وهي أم ريحانتي رسول الله الحسن والحسين رضوان الله عليهما. (3) أمواله وتركته وميراثه

صلى الله عليه وسلم

المتواتر عن النبي

صلى الله عليه وسلم

أنه كان زاهدا في الدنيا وأموالها ومتعها، وأنه إنما كان ينال منها ما يسد به أوده، ويكفي به عياله من خبز الشعير ومتواضع الإدام، وخشن الثياب، وهذا جعل بعض أهل بيته يضجون من كثرة التضييق عليهم؛ فقد ذكر المؤرخون أن نساء النبي ضقن ذرعا بحياة الخشونة، فأجمعن على أن يسألنه ما يترفهن به، فغضب لذلك أشد الغضب، ورأى أن يطلقهن كلهن، وفي ذلك نزلت الآية الكريمة:

يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا * وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما . وقد روى جابر بن عبد الله أن أبا بكر الصديق جاء يوما إلى رسول الله يستأذن عليه والناس ببابه جلوس، والنبي جالس، فلم يؤذن له، ثم جاء عمر فاستأذن فلم يؤذن له، ثم أذن لهما ودخلا عليه وهو جالس وحوله نساؤه وهو ساكت، فقال عمر: لأكلمن رسول الله لعله يضحك. فقال: يا رسول الله، لو رأيت ابنة زيد - امرأة عمر - سألتني النفقة آنفا فوجأت عنقها. فضحك النبي حتى بدت نواجذه، وقال: «هن حولي كما ترى يسألنني النفقة.» فقام أبو بكر إلى عائشة يضربها، وقام عمر إلى حفصة، كلاهما يقولان: تسألان رسول الله ما ليس عنده! فنهاهما رسول الله، فقالت نساؤه: والله لا نسأل رسول الله بعد هذا المجلس ما ليس عنده. وأنزل الله آية التخيير:

يا أيها النبي قل لأزواجك ، فبدأ رسول الله بعائشة فقال لها: «إني ذاكر لك أمرا ما أحب أن تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك.» فقالت: ما هو؟ فتلا عليها الآية، فقالت: أفيك أستأمر أبوي؟ بل أختار الله ورسوله. ثم طاف رسول الله بحجر زوجاته فكلهن قلن مثل قولها ...

إن هذه القصة تدلنا على أن الرسول الكريم كان شديد الزهد في مفاتن الدنيا ومباهجها ومتعها وملاذها، وأنه كان يريد أن يجعل أهل بيته كنفسه، ويظهر أنهن لما اشتدت عليهن قسوة تلك الحياة الخشنة لجأن إلى الإلحاف، فلجأ هو

صلى الله عليه وسلم

Unknown page