Tarikh Umma Casr Intilaq
عصر الانطلاق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثاني)
Genres
وفيه أيضا: أنهم كانوا يجلبون دقيق الحواري - الأبيض - والسمن والعسل من الشام إلى المدينة، وأن عثمان كان يتاجر بذلك. ولم تكن تجارة العرب مقصورة على التجارات البرية، فقد كانوا يركبون في البحر الأحمر، والبحر الأبيض. يذكر البخاري في باب البيوع بابا عن التجارة في البحر وأنه لا بأس بها ،
172
وأن ممن كانوا يتجرون ببحر الشام طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد.
173
وأما تجارة العطارية فهي تجارة عريقة في الحجاز واليمن، وكانت ترد إلى اليمن شحنات من العطور والطيوب الهندية عبر البحر الأحمر إلى اليمن، كما كان في اليمن نفسه كثير من العطور، وكانوا يحملونها معهم إلى الحجاز وبلاد الشام وبلاد الروم. وصناعة العطارية صناعة محبوبة، حتى روى ابن عمر عن النبي أنه قال: لو أذن الله لأهل الجنة في التجارة لاتجروا في البز والعطر. وكان عمر يحب تجار الطيب. وروى الثعالبي في التمثيل والمحاضرة عن عمر أنه قال: لو كنت تاجرا لما أخذت على العطر شيئا، فإن فاتني ربحه لم يفتني ريحه. وكانوا يضربون المثل بنظافة العطار وتقاوة مجلسه. وقد بوب البخاري في كتاب البيوع بابا عنوانه: «باب العطار وبيع المسك»، وخرج فيه عن أبي موسى الأشعري عن النبي
صلى الله عليه وسلم
أن مجلس الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك وكير الحداد، وما يعديك من صاحب المسك إما تشتريه أو تجد ريحه، وكير الحداد يحرق ثوبك، وتجد منه ريحا خبيثة. وكانت العطور المفضلة عندهم: الزعتر والعنبر والمسك والعود والكافور، وكانوا يتاجرون بها ويتطيبون بها ويصنعون منها صناعات حسنة، ويجعلون منها معجنات. قال الجاحظ: ومعجونات العطر كلها عربية، مثل الغالية والشاهرية والخلوق واللخلخة والقطر، وهو العود المطري والدربرة. وممن كان يتاجر ببيع الطيوب أسماء بنت مخربة؛ فقد ترجم لها ابن حجر وذكر أن ابنها عباس بن عبد الله بن ربيعة كان يبعث إليها من اليمن بعطر فكانت تبيعه في المدينة، وذكر منهن الحولاء بنت تويب العطار، ومليكة والدة السائب بن الأقرع.
174
وأما تجارة السلاح، فقد كانت تجارة رابحة، وكانت سيوف الشام والهند تنقل إلى الجزيرة، ويتغالى التجار في أثمانها، كما كانت في الخط والرماح الخطية تصدر إلى الخارج. وكانت في الحجاز جماعة من الحدادين والقيون المشهورين بصنع الأسلحة من سيوف وأسنة ورماح ودروع؛ ومن أشهرهم أبو يوسف القين الذي أرضعت زوجته إبراهيم ابن النبي
صلى الله عليه وسلم
Unknown page