Tarikh Umma Casr Inhilal
عصر الانحلال: تاريخ الأمة العربية (الجزء السادس)
Genres
12
ثم عفا عنهم. وأقام أبو الهيجاء في بغداد، وولى ابنه ناصر الدولة الحسن أميرا على الموصل، وكانت له عدة وقعات مع الأكراد الجلالية الذين اشتدت شوكتهم فأخضعهم وانقادوا لدولته سنة 314ه.
وفي سنة 318ه عزل ناصر الدولة عن الموصل، ووليها عماه سعيد ونصر ابنا حمدان، وولي ناصر الدولة ديار ربيعة ونصيبين وسنجار والخابور ورأس عين، وميافارقين، وارزن.
13
وفي سنة 322ه أعيد ناصر الدولة إلى الموصل فعظم سلطانه. وفي سنة 323ه عزل الخليفة الراضي ناصر الدولة عن الموصل، وولاها أبا العلاء بن حمدان، فلما ذهب إليها مظهرا أنه إنما جاء ليطلب مال الخليفة، وكان ناصر الدولة يعلم بأمره، فبعث إليه من قتله، ولما بلغ ذلك الخليفة بعث وزيره ابن مقلة في جيش كبير فهرب ناصر الدولة، وأقام الوزير بالموصل مدة ثم لما قفل عنها رجع ناصر الدولة وكتب إلى الخليفة الراضي يعتذر منه فعفا عنه.
ولما مات الخليفة الراضي، وتولى المتقي، ووقعت الفتنة بين أبي عبد الله البريدي وابن رائق كما ذكرنا، واضطر الخليفة على السفر إلى الموصل، بعد استيلاء البريدي على بغداد، كان المتقي قد أنفذ إلى ناصر الدولة يستمده على البريديين، فأرسل أخاه سيف الدولة نجدة له في جيش كثيف، فلقي الخليفة المتقي وابن رائق بتكريت قد انهزما من بغداد، وخدم سيف الدولة الخليفة خدمة عظيمة، وسار في ركابه إلى الموصل، ثم إن الخليفة المتقي خلع على ناصر الدولة وجعله أمير الأمراء في شعبان سنة 330ه وبعث أخاه سيف الدولة في ملاحقة البريديين الذين تسلطوا على واسط، فأخرجهم منها، وكان يريد الانحدار إلى البصرة لأخذها من البريديين، ولكنه لم يتمكن من ذلك لقلة المال عنده، فكتب إلى الخليفة يستمده، ولما تأخر المال أخذ سيف الدولة يستميل القادة الأتراك أن يسيروا معه للاستيلاء على الشام ومصر، فلم يتفقوا معه على ذلك، واضطر إلى الرجوع إلى بغداد، ثم انحدر إلى الموصل.
وفي سنة 330ه اتفق توزون وناصر الدولة بن حمدان أن يقتسما المملكة، فيكون للأول أعمال البصرة وما إليها، وللثاني الموصل وما إليها شمال الشام والعواصم وحمص، وبعث ناصر الدولة أبا بكر محمد بن علي بن مقاتل أميرا على قنسرين وحلب، ثم استبدله بابن عمه أبي عبد الله الحسين بن سعيد بن حمدان، فقدم حلب وطرد أميرها يأنس المؤنس المولى عليها من قبل الإخشيد أبي بكر محمد بن طغج، وحين علم الإخشيد بذلك، قدم على حلب بجيش لجب، فهرب الحسين الحمداني إلى الرقة، ولما وصلها كان فيها الخليفة المتقي، فلم يأذن له بدخولها، واستدعى الخليفة الإخشيد، فجاءه وأكرمه، وثبت ملكه على الشام ومصر، ورجع الإخشيد إلى مصر بعدما ولى حلب أبا الفتح عثمان بن سعيد الكلابي، فحسده إخوته الكلابيون واستدعوا سيف الدولة فقدمها بموافقة أخيه ناصر الدولة واستولى عليها سنة 333ه وهو الاستيلاء الأول، واستمر أمر الدولة الحمدانية يقوى حتى سيطرت على الموصل وحلب ودمشق.
وبقي ناصر الدولة في إمارته على الموصل والجزيرة والشام، على أن يؤدي عنها الأموال للبويهيين ويخطب لهم، وعلى الرغم من أنه أراد أن يقطع صلته بالبويهيين مرات؛ فإنهم استطاعوا أن يفسدوا عليه خططه باتفاقهم مع ابنه أبي تغلب فضل الله الذي حجر على أبيه وسجنه واستولى هو على الموصل وأطرافها سنة 356ه، وجرت له مع عضد الدولة البويهي حوادث انتهت بزحف عضد الدولة على الموصل، فغزا أبو تغلب ونزل بظاهر دمشق وانتقل منها إلى الرملة وقتل بظاهرها سنة 369ه.
أما سيف الدولة فإنه ما لبث أن استقر بحلب منذ سنة 333ه حتى وافاه الإخشيد وخادمه كافور، فالتقى بهما عند الرستن، وفرق جمعهما، ثم سار إلى دمشق، فلم يوفق إلى فتحها، ورجع إلى حلب، فلحق به الإخشيد واسترد حلب، فهرب سيف الدولة إلى الرقة. وفي سنة 334ه عاد فاستولى عليها، وتم الاتفاق بينه وبين الإخشيد على أن تكون حلب وحمص وأنطاكية لسيف الدولة، ودمشق للإخشيد، ولكن سيف الدولة لم يلبث أن استولى على دمشق، ثم اضطر إلى مغادرتها بعد أن قدم عليه كافور الإخشيدي، فاكتفى سيف الدولة بسورية الشمالية، واتخذها له مقرا وملكا، وكان سيف الدولة لا يفتأ يغزو الروم ويفتك ببلادهم وجيشهم، وكانت غزواته لبلاد الروم على الشكل الآتي:
في سنة 333ه غزا سيف الدولة بلدة الصفصاف وعرسوس فغنم وعاد.
Unknown page