Tarikh Umma Casr Inbithaq
عصر الانبثاق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الأول)
Genres
صلى الله عليه وسلم
يقول: «يا معشر العرب، احمدوا الله الذي وضع عنكم العشور.» وقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : «ليس على المسلم عشور، إنما على اليهود والنصارى.»
42
وفي هذا دليل على أن العرب في الجاهلية كانوا يدفعون جزءا من أموالهم للحكام.
وأما الحج: فقد رأينا مفصلا ما كان عليه في الجاهلية، وما أخذه الإسلام واستبقاه من طقوسه.
وبعد، فإذا كانت هذه حال أركان الإسلام الخمسة تبين ضعف نظرية هؤلاء المستشرقين المغرضين الذين يريدون أن ينسبوا كل شيء جاء به الرسول العربي إلى تقليد اليهود والنصارى، ومن كان من الأمم السالفة؛ ناسين أو متناسين أنه نشأ في إقليم وتربى في بيئة، فيجب أن يظهر أثر إقليمه في تعاليمه، كما يجب أن يتجلى طابع بيئته في طقوس ديانته، وليس في هذا ما يضر الدين الجديد، ولا يضع من مكانة النبي الكريم، فإن لله سننا ونواميس لا تخالف.
بعد هذه المقدمة ننقل إلى بيان الحالة العقلية عند العرب قبل الإسلام، فنقول: إن أبرز ما تتجلى فيه العقلية العربية هو الأمور الآتية: (1)
الألوهية وما يتعلق بها: قد بينا مفصلا في المقدمة أنهم كانوا يؤمنون بإله قاهر نافع ضار، ولكنهم كانوا «يشركون» به فيعبدون آلهة متعددة، شاركوا «الله الأعظم» في ألوهيته وربوبيته، وقد اختلف العرب في هؤلاء الشركاء؛ فبعضهم جعلهم «الملائكة»، وبعضهم جعلهم «الشياطين»، وبعضهم جعلهم «الشمس والقمر»، وبعضهم جعلهم «الأصنام والتماثيل»، وبعضهم جعلهم غير ذلك، وقد جعلوا لهؤلاء «الشركاء» أو «الأنداد» أو «الآلهة» ما لله سبحانه من صفات القدرة والربوبية، وقد ذكر القرآن الكريم كثيرا من عقائد هؤلاء المشركين، وحمل عليهم لهذا الاعتقاد السخيف، وأنذرهم بسوء العاقبة، ومما تجد الإشارة إليه أن العرب لم يكونوا متساوين في شركهم، فقد كان للعقلاء والخاصة اعتقاد يخالف اعتقاد العامة والبدو، فالأولون كانوا يعتقدون بأن الله هو المعبود الأعظم، وأن شركاء من الأصنام أو المخلوقات الأخرى ليسوا إلا وسائل ووسائط بينهم وبينه، وأن هؤلاء الشركاء ليسوا إلا أولياء أو شفعاء يشفعون له عنده، ولا شك عندنا في أن لأهل الكتاب من اليهود والنصارى والبقايا الحنيفية تأثيرا في إيجاد هذه العقيدة أو بعضها. أما العامة من سكان البادية والحواضر فقد انحطت قواهم العقلية إلى درجة اعتقدوا معها أن هذه الأصنام والتماثيل والمعبودات الأخرى من روحية ومادية هي التي تضر وتنفع، وهي التي تمنع الشر وتمنح الخير، وهي التي تحيي وتميت، ومن أشهر هذه الأصنام «عم أنسى» وكان لبني خولان، «وسعد» لبني ملكان، «والعزى» لقريش وكنانة، «واللات» لثقيف بالطائف، «ومناة» بيثرب للأوس والخزرج، و«ذو الخلعة» لدوس وخثعم وبجيلة، «والفلس» لطي، «وذو الكعبات» لبكر بن وائل، «وإساف ونائلة» لقريش في الكعبة، «وهبل» وهو أعظم أصنام الكعبة لقريش جميعها ...
وهناك أصنام أخرى غير هذه عددها ابن الكلبي،
Unknown page