Tarikh Umma Casr Inbicath
عصر الانبعاث: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثامن)
Genres
ثم اجتمع مجلس الصلح الأعلى في مدينة «سان ريمو» ما بين 19 و26 نيسان سنة 1920، فأبرم اتفاقا بين فرنسة وبريطانية بتقسيم الانتدابات في دول الشرق الأدنى، فكانت سورية ولبنان وقليقية من نصيب فرنسة، وكانت فلسطين والأردن والعراق من نصيب بريطانية؛ وأن تتنازل فرنسة لإنكلترة عن ولاية الموصل.
ولما أبرمت هذه الاتفاقات رأى الأمير فيصل أن الدول الغربية قد خانت العهود، وأن أميركا لا يمكنها أن تقوم بنصرة العرب، فاتصل مجددا بالبريطانيين فأفهموه بوجوب اتصاله بالفرنسيين، ومهدوا له سبيل المفاوضة مع الرئيس كليمنصو، فسافر إلى باريس واجتمع إلى كليمنصو، وبعد جلسات عديدة ومحاولات كثيرة تم التفاهم بينهما على مشروع اتفاق علق فيصل إبرامه على قبول الشعب السوري له، ولما عرضه على أعضاء المؤتمر السوري الذين يمثلون البلاد السورية واللبنانية والفلسطينية أصدق تمثيل، رفضوه بالإجماع في كانون الثاني سنة 1919م؛ لأنه كان مشروعا استعماريا لم يعترف لسورية باستقلالها المطلق، ولا لسكانها بالسيادة التامة، بل اعترف «للأهلين الناطقين بالعربية والقاطنين في أرضها من جميع المذاهب، أن يتحدوا ويحكموا أنفسهم بأنفسهم على أنهم أمة مستقلة!» كما ينص على أن السلطات الفرنسية تشرف على إدارة البلاد فعليا بتسمية مستشارين في كافة دوائر الدولة يصرفون أمورها، ولا يعترف المشروع لسورية بالتمثيل السياسي، ولا يحق لها بموجبه قبول الممثلين السياسيين، ولا أن تكون حرة في برامج التعليم، بل تطبق البرامج التي تسميها السلطات الفرنسية، ويكون تدريس اللغة الفرنسية إجباريا.
ولم يرد في المشروع شيء عن الساحل السوري؛ لأن فرنسة كانت تنوي فصله عن الداخل، كما لم يرد فيه شيء عن حدود لبنان؛ لأن فرنسة كانت تنوي اقتطاع أجزاء من سورية وضمها إليه.
1
وصفوة القول أن هذا المشروع كان صك انتداب، بل استعمار لو قبل به فيصل أو الساسة السوريون لطوقوا بلادهم بطوق من الحديد والعار، ولما رأى الفرنسيون أن فيصلا وأحرار سورية يأبون الخضوع لهم، أتموا مؤامرتهم مع بريطانية، فسحبت هذه قواها من سورية، وسمت فرنسة الجنرال غورو حاكما عسكريا لدول الشرق، وأمدته بالمال والسلاح والجند، ورجع فيصل إلى سورية واجتمع إلى أعضاء المؤتمر السوري، وتذاكروا في الأمر فأقروا الأمور الآتية: (1)
استقلال البلاد السورية بحدودها الطبيعية، ومنها فلسطين، استقلالا تاما. (2)
تكون الحكومة مدنية نيابية، لا مركزية ضامنة لحقوق الأقليات. (3)
ينادى بسمو الأمير فيصل ابن جلالة الملك حسين ملكا دستوريا على سورية، ويلقب بصاحب الجلالة الملك فيصل الأول. (4)
تراعى أماني اللبنانيين الوطنية في إدارة شئون لبنان ضمن حدوده المعروفة قبل الحرب العامة، على أن يكون في معزل عن كل تأثير أجنبي فيه. (5)
ترفض مزاعم الصهيونيين في جعل فلسطين وطنا قوميا لليهود أو محل هجرة لهم. (6)
Unknown page