Tarikh Tarjama
تاريخ الترجمة والحركة الثقافية في عصر محمد علي
Genres
6
إلى صديقه القديم «نابليون بونابرت».
وفي الخطاب الأول - وتاريخه 14 مارس 1802 - تحدث رفاييل إلى «نابليون» بأنه قد اعتزم أن يكرس حياته لخدمة الجمهورية الفرنسية تحت حكم القنصل الأول، وبعد إرسال هذا الخطاب بقليل وفد على مصر «المسيو سبستياني» رسولا دبلوماتيا من حكومة فرنسا لدراسة الحالة الجديدة في هذه البلاد، وقد اتصل أثناء مقامه بالقاهرة بكثير من مشايخ المصريين، ورجالتها، وخاصة من كان له صلة بالحملة، وقد قدم «سبستيان» لبعض هؤلاء المشايخ صورة نابليون
7
مهداة منه إلى كل منهم، وكان رفاييل ممن حظي بهذا الشرف، وقد فرح بهذا الإهداء كل الفرح؛ إذ اعتبره فرصة طيبة لتجديد صلته بعاهل فرنسا الجديد؛ ففي 20 نوفمبر سنة 1802 أرسل إلى نابليون خطابا ثانيا، شكره فيه على هديته، وجدد تقديم خضوعه للقنصل الأول الذي لقبه في خطابه بملاك السلام
Angelo di Pace (إشارة منه لصلح «أميان» الأخير)، وضمن رفاييل كل ذلك قصيدة عربية أرفقها بترجمة لها إيطالية، يقول الأستاذ بشاتلي: «وربما كان الدافع لإرسال خطابه الثاني ردا وصله من «بونابرت» على خطابه الأول صحبة «سبستياني»؛ فقد تقابل رفاييل مع «سبستياني»، ومن المحتمل أنه دارت بين الرجلين أحاديث تتصل بنظم الحكم السياسية لأن رفاييل يخبرنا أنه عند وصوله إلى فرنسا سنة 1803 أرسل خطابا «لتاليران» وزير الخارجية في باريس يخبره فيه أنه يحمل خطابات هامة للحكومة الفرنسية.»
8
ووجد رفاييل أخيرا أن سياسة الخطابات سياسة غير مجدية، فقرر أن يرتحل إلى فرنسا، وسافر في سنة 1803، ووصل إلى مارسيليا ومنها إلى «جرينويل»، حيث قابله بالترحاب صديقه القديم «فورييه»، ومن تلك المدينة أرسل رفاييل إلى «تاليران» في «باريس» خطابا باللغة الإيطالية يذكر له فيه أنه يحمل إليه خطابات هامة خاصة بالحكومة الفرنسية، ويطلب فيه الإذن بالمقابلة، وهنا قد نتساءل، ترى ماذا كانت تحمل هذه الخطابات؟ وممن كانت مرسلة؟ الواقع أن رفاييل لم يوضح في مخطوطته هذه المسألة رغم أهميتها، حقيقة إن الحالة في مصر بعد خروج الفرنسيين كانت حالة بالغة في السوء، وقد ارتكبت الحكومة العثمانية والجنود العثمانيون أخطاء كثيرة مما جعل الكثير من طبقات الشعب المصري تحن إلى عهد الفرنسيين،
9
وتصرح بهذا الحنين، ولكن هل فكر أحد من المصريين في الاستفادة من المركز الدولي في أوروبا وقتذاك، وهل فكر أحد منهم - كما سبق أن فكر الجنرال يعقوب - في عرض اقتراح جديد لإنقاذ مصر من حالتها السيئة؟ وما نوع هذا الاقتراح؟ ومن صاحبه، أو أصحابه؟ كل هذه أسئلة يثيرها في الذهن أمر هذه الخطابات التي كان يحملها رفاييل من مصر إلى وزير خارجية فرنسا.
Unknown page