Tārīkh al-tarjama waʾl-ḥaraka al-thaqāfiyya fī ʿaṣr Muḥammad ʿAlī
تاريخ الترجمة والحركة الثقافية في عصر محمد علي
Genres
هذه أمثلة لما يمكن أن يوجه إلى هذه القطعة من نقد، ونستطيع أن نوجهه إلى معظم ما ترجم رفاعة، وهو يثبت إلى حد كبير أن ممتحنيه في باريس كانوا على حق حينما أخذوا عليه أنه «قد لا يكون (في بعض الأحيان) في ترجمته مطابقة تامة بين المترجم والمترجم عنه، وأنه ربما كرر، وربما ترجم الجملة بجمل، والكلمة بجملة ...» ولكنه كان دائما - كما قال ممتحنوه أيضا - محافظا على روح المعنى الأصلي، وهذا هو الفرق الواضح بينه وبين مترجم كرفاييل، فإن ترجمة رفاعة - رغم ما بها من عيوب - يمكن أن تقرأ فتفهم، وكان يمكن أن تخرج ترجمته أكثر دقة وإتقانا لو أنها خضعت لمراجعة غيره، ولكن رفاعة كان الوحيد من بين خريجي البعثات - كما كان رفاييل الوحيد من بين المترجمين السوريين - الذين لم تخضع ترجماته لهذه المراجعة، ويمكن أن نلتمس العذر لرفاعة أيضا عن الأخطاء الواردة في هذا الجزء بالذات؛ لأنه ترجمه في مدة وجيزة، في نحو سبعة أشهر.
المثال الثالث:
قطعة من كتاب «إتحاف الملوك الألبا بتقدم الجمعيات في بلاد أوروبا»، وهو ترجمة خليفة محمود - أحد خريجي الألسن - للجزء الأول من كتاب المؤرخ الإنجليزي
Robertson
وعنوانه:
History of the Reign of Charles the Fifth
وقد ترجمه خليفة أفندي عن ترجمة فرنسية له، غير أنني لم أعثر على هذه الترجمة، وإنما عثرت على الأصل الإنجليزي، فلم أر بأسا من المقابلة بينه وبين الترجمة العربية فيما يلي:
الترجمة العربية
القسم الأول. «في ذكر التقدم الذي حصل في أوروبا بالنسبة إلى الحكومة الداخلية، والقوانين والآداب».
اعلم أنه حصل تغيران عظيمان في الحالة السياسية وأخلاق الملل الإفرنجية، أحدهما نشأ عن تقدم المملكة الرومانية في الشوكة، والآخر صدر عن خراب هذه المملكة أيضا؛ وذلك لأن التولع بالفتوحات لما وصل بالجيش الروماني إلى خلف جبال «ألبه» رأى سائر البلاد التي دخلها مسكونة بأمم خشنية متبربرة، وكان الرومانيون يسمونهم أعجاما، لكنها كانت مستقلة بنفسها، فكانت لإفراطها في الشجاعة تحامي عن أرضها القديمة بقوة عجيبة، ومقاومة غريبة، لكن حسن تربية الرومانيين في التعليم العسكري كان هو السبب في نصرتهم على هؤلاء الأمم، لا كثرة شجاعتهم، ومع ذلك لم تكن هؤلاء الأمم مثل سكان آسيا الذين هم كالنساء في الارتخاء وفتور الهمة، بحيث إنهم بمجرد غلبتهم في واقعة واحدة سلموا أنفسهم ودولتهم لأعدائهم، بل كانوا يأخذون السلاح بهمة وشجاعة خالية عن التعليم العسكري، ولكن لما كانوا أرباب همة عالية حاملة لهم على حب الحرية، والتولع بالاستقلال قامت تلك الهمة عندهم مقام الفنون الحربية، والتدبيرات العسكرية، وفي مدة هذه الحروب الطويلة التي سفكت فيها دماء الأمم كان أحد الجانبين يحارب لأجل الدولة، والجانب الآخر لأجل الحرية، وكانت ولايات أوروبا العظيمة قد تهدمت على التعاقب، وهلك من الأهالي قسم عظيم في ميدان الحرب، وقسم عظيم أيضا وقع أسيرا في أيدي الرومانيين، ولما لم يمكن لمن بقي منهم أن يقاوم العدو دخل تحت طاعة الدولة الرومانية.
Unknown page