Tarikh Sahafa Carabiyya

Filib Di Tarrazi d. 1375 AH
97

Tarikh Sahafa Carabiyya

تاريخ الصحافة العربية

Genres

لأسرة الدحداح شهرة بعيدة في جبل لبنان، ويرتقي أصلها إلى جدها الأعلى الشيخ جرجس الذي كان مقترنا بابنة غزال القيسي الماروني مقدم العاقورة في الربع الثالث من القرن الرابع عشر، وإلى هذه الأسرة ينتمي صاحب الترجمة الذي نذكر هنا أخباره باختصار فنقول:

هو الشيخ رشيد ابن الشيخ غالب ابن الشيخ سلوم ابن الشيخ موسى ابن الشيخ يوسف ابن الخوري جرجس ابن الخوري يوسف ابن الخوري ميخائيل ابن الشيخ جرجس الدحداح، ولد سنة 1813 في عرامون إحدى قرى كسروان من جبل لبنان، ثم أرسله أبواه إلى مدرسة «عين ورقة» حيث أتقن أصول اللغة العربية وفروعها، ودرس اللغتين السريانية والإيطالية وسائر العلوم، وبعد ذلك دخل مدرسة بزمار للأرمن الكاثوليك فاشتغل في تحصيل اللغة التركية وبرع فيها.

وسنة 1838 عينه الأمير بشير الكبير حاكم لبنان كاتبا لأسراره، فلبث في هذه الوظيفة حتى خلع الأمير ونفي من الجبل، وسنة 1843 ذهب إلى صيدا فانصب على درس الشريعة الإسلامية إلى أواخر عام 1845 بحيث سافر إلى مرسيليا وتعاطى فيها التجارة اثنتي عشرة سنة، ثم رحل مع عائلته إلى باريز واقفا نفسه على خدمة الآداب العربية التي برز فيها علما وعملا، فنال فيها القدح المعلى.

ومن مآثره الأدبية أنه نشر بالطبع شرح ديوان الشيخ عمر بن الفارض في نحو ستمائة صفحة، ثم أنشأ في اللغتين العربية والفرنسية جريدة «برجيس باريس أنيس الجليس» التي شحنها بالمقالات الرنانة في السياسة والتاريخ واللغة والأدب، فذاعت شهرتها شرقا وغربا، وعرب رسالة عنوانها «كتاب التمثال السياسي» بقلم المسيو دي لاكيرونيار أحد وزراء فرنسا في عهد نابليون الثالث، وطبع كتاب «طرب المسامع في الكلام الجامع» الذي جمع فيه أشعارا لأشهر شعراء العرب، ونشر في مرسيليا بمعاونة الشيخ سمعان ابن عمه معجما عربيا للمطران جرمانس فرحات بعد أن هذبه ورتبه وأصلح ما فيه من الأغلاط، فأطنب في مديحه المجمع العلمي الفرنسي

L’Académie Française

وأحسن صلته، ثم ألف كتاب «قمطرة طوامير» الذي طبع أولا في فينا وثانيا في باريز وقد ضمنه مقالات لغوية وفوائد أدبية، ونشر كتاب «فقه اللغة» في باريس لأبي منصور الثعالبي، وألف كراسة في فن المناظرات سماها «ترويح البال في القلم والمال» لم تنشر بالطبع. ومن مؤلفاته التي لم تزل مخطوطة ديوان شعر وكتاب «السيار المشرق في بوار المشرق» وهو تاريخ كبير في مجلدات شتى، وله غير ذلك من المناظرات الأدبية والمقالات اللغوية والمراسلات نثرا وشعرا التي جرت بينه وبين فطاحل اللغة العربية كالأمير عبد القادر الحسيني الجزائري، والشيخ ناصيف اليازجي، وأحمد فارس الشدياق، والشيخ محمود قبادو التونسي، وغيرهم.

وفي خلال سنة 1862-1864 حضر باي تونس إلى فرنسا فتقرب إليه صاحب الترجمة وساعده على قرض مالي بشروط موافقة جدا لم يكن ليرجو الباي الحصول على بعضها، سيما وأن الثقة بمالية المملكة التونسية وإدارتها كانت مفقودة في ذاك العهد؛ فسر الباي من مساعي الشيخ رشيد وكافأه بمبلغ عظيم على سبيل الهدية تقديرا لصدق خدمته، وقد مدح المترجم باي تونس بقصيدة لامية ذات 83 بيتا عارض فيها معلقة كعب بن زهير، وهذا مطلعها:

بانت سعاداتنا والفتح مكفول

باسم المليك فلا تلهيك عطبول

وفي سنة 1867 منحه البابا بيوس التاسع لقب «كونت» يتسلسل في أبكار أنجاله الذكور من بعده ، ثم شملت هذه النعمة جميع أبناء الكونت رشيد وسلالتهم من بعدهم، وسنة 1875 ابتاع على ساحل بحر المانش في شمال فرنسا قرية صغيرة تدعى دينار

Unknown page