تاريخ الرقة
ومن نزلها
من أصحاب رسول الله ﷺ والتابعين والفقهاء والمحدثين
تأليف
الإمام الحافظ أبي علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن
القشيري الحراني
المتوفى سنة (٣٣٤ هـ)
عني بتحقيقه
إبراهيم صالح
دار البشائر
الطبعة الأولى
١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م
1 / 20
الجزء الأول من تاريخ الرقة ومن نزلها من أصحاب رسول الله ﷺ والتابعين والفقهاء والمحدثين
جمع أبي علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن القشيري الحراني الحافظ
رواية أبي أحمد محمد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم بن جامع الدهان، عنه
رواية أبي عبد الله الحسين بن جعفر بن السلماسي، عنه
رواية أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي، عنه
رواية الإمام الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد السلفي، عنه
رواية شيخنا الجليل، مسند الوقت، بدر الدين أبي القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن هبة الله بن الطفيل الدمشقي، أثابه الله الجنة
1 / 21
بسم الله الرحمن الرحيم رب وفق
أخبرنا الشيخ الجليل، الرئيس الأصيل، بدر الدين، أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن هبة الله بن الطفيل الدمشقي، قراءةً عليه ونحن نسمع، في يوم السبت ثالث عشر ربيع الآخر من سنة إحدى وثلاثين وستمئة، بمنزل المسمع، قال: أنبأ الشيخ الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد السلفي، قال: أخبرنا الشيخ أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي بمدينة السلام، فيما قرأت عليه من أصل سماعه، أنبأ أبو عبد الله الحسين بن جعفر بن السلماسي، أنبأ أبو أحمد محمد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم بن جامع الدهان، ثنا أبو علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن عيسى بن مرزوق، القشيري، الحراني، حافظ الرقة، بالرقة في سنة أربعٍ وثلاثين وثلاثمئة:
١- ثنا أبو داود سليمان بن سيف الحراني، ثنا الحسن بن محمد بن
1 / 23
أعين، ثنا سليمان بن عطاء، عن أبيه، عن من شهد عياض بن غنم حين بعثه أبو عبيدة بن الجراح ﵁ إلى الرها، فوقف على بابها الشرقي، على فرسٍ له محذوفٍ أحمر، وقد أجفل أهل الجزيرة إلى الرها، فدعاهم إلى الإسلام، فأبوا؛ فدعاهم إلى أن يقروا بالصغار، فأقروا على أن يشترطوا؛ فاشترطوا، قالوا: فإنا نشترط كنائسنا وصليبنا، وما لجأ إلى كنائسنا من طيرٍ، وسور مدينتنا، وما كان لكنائسنا من غلةٍ على أن تؤدى خراجها.
1 / 24
فقال عياضٌ: فإنا نشترط عليكم. قالوا: فاشترط. قال: فإني أشترط عليكم [ألا تحدثوا] كنيسة إلا ما في أيديكم، وألا يرفع صليبٌ ولا يضرب ناقوسٌ إلا في جوف كنسيةٍ، وعلى أن نشاطركم منازلكم ينزلها المسلمون، وعلى ألا [تعمروا خنزيرًا] بين أظهر المسلمين، وعلى أن تقروا ضيفهم يومًا وليلةً، وعلى أن تحملوا [راجلهم] من رستاقٍ إلى رستاقٍ، وعلى أن تناصحوهم ولا تغشوهم، ولا تمالئوا عليهم عدوًا فإن وفيتم لنا وفينا لكم، ومنعناكم مما نمنع منه أبناءنا ونساءنا؛ وإن استحللتم شيئًا من ذلك استحللنا سفك دمائكم، وسبي أنبائكم ونسائكم وأموالكم. قالوا: فأُشْهِدْ؛ قال: فكتب: أُشْهِدُ الله، ﴿وكفى بالله شهيدًا﴾ . فدخل أهل الجزيرة فيما دخل به أهل الرها.
٢- حدثنا هلال بن العلاء، ثنا أبو جعفر ابن نفيل، ثنا سليمان بن عطاء، عن أبيه، عن من شهد عياض بن غنم حين بعثه أبو عبيدة بن الجراح إلى الرها، فوقف على بابها الشرقي، على فرسٍ له محذوفٍ أحمر، وقد أجفل أهل الجزيرة إلى الرها؛ فذكر نحوه.
1 / 25
٣- حدثني جعفر بن محمد بن عمر، ثنا فتح بن سلومة الحمراني، ثنا إسماعيل بن يزيد القصير، ثنا جعفر بن برقان، عن معمر بن صالح، عن العلاء بن أبي عائشة قال: كنت عاملًا لعمر بن عبد العزيز على الرها، فجاءني كتابه: إنه بلغني أن عند أهل الرها صلح الجزيرة، فابعث إلي به حتى أنظر فيه. قال: فبعثت إلى أسقفهم، حتى أتاني به في درجٍ أو حق، فقرأته، فإذا فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتابٌ لأهل الرها وأهل الجزيرة، من عياض بن غنم عامل عمر بن الخطاب ﵁، وقد أتاها حتى وقف على بابها الشرقي على فرسٍ أحمر له محذوفٍ، في بعضة عشر فارسًا، فدعاهم إلى الإسلام فأبوا، فدعاهم إلى الصلح فأجابوه، وقالوا: على أن نشترط عليكم؛ قال: اشترطوا؛ قالوا: فإنا [نشترط سور مدينتنا، وكنائسنا] وطواحيننا، وما كان لكنائسنا من غلةٍ على أن نؤدي خراجها.
1 / 26
قال عياض: ونحن أيضًا نشترط عليكم. قالوا: فاشترط. قال: نشترط عليكم أن لا تضربوا بناقوسٍ إلا في جوف كنيسةٍ، ولا يعتبر خنزيرٌ في بلاد المسلمين، وعلى أن تقروا ضيفهم يومًا وليلةً، وعلى تحملوا راجلهم من رستاق إلى رستاقٍ، وعلى أن نشاطركم منازلكم ينزلها المسلمون، وعلى أن تنصحونا فلا تشغونا، ولا تمالئوا علينا عدوًا من غيركم؛ فإن وفيتم لنا وفينا لكم، وإن غدرتم بنا استحللنا سفك دمائكم وسبي نسائكم. قالوا: فإنا قد رضينا. قال: فإني أشهد الله وملائكته ﴿وكفى بالله شهيدًا﴾ فأعاده لهم عمر بن عبد العزيز ﵀.
1 / 27
من نزل الرقة من أصحاب رسول الله ﷺ
[١] وابصة بن معبد الأسدي
٤- سمعت أبا الهيثم محمد بن عبد الصمد بن عبد الرحمن بن صخر بن عبد الرحمن بن وابصة يقول: وابصة بن معبد بن عتبة بن مالك [بن الحارث بن بشير بن كعب بن سعد] بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة.
1 / 28
[يكنى أبا سالم] .
٥- سمعت أبا الهيثم يقول: ولد وابصة أربعةً: عَمْرًا، وعتبة، وسالمًا، وعبد الرحمن. فحدث عنه من ولده عمروٌ وسالمٌ.
٦- سمعت أبا عمر هلال بن العلاء يقول: [قبر وابصة عند منارة جامع] الرافقة.
٧- حدثنا محمد [بن علي، ثنا الحسين بن محمد بن حماد، ثنا عبد
1 / 29
السلام بن عبد الرحمن بن صخر] القاضي. ح وثنا جعفر بن محمد [بن حجاج، نا عبد السلام، عن أبيه، عن بشر بن لاحق الرقي] عن أبي راشد الأزرق، قال: كنت آتي [وابصة بن معبدٍ، وقلما أتيته إلا أصبت] المصحف موضوعًا بين يديه، ثم إن كان ليبكي حق أرى [دموعه قد بلت] الورق. فقلت له: هل [سألت رسول الله ﷺ عن شيء؟ فقال: يا أبا راشدٍ]، وهل تركت شيئًا [إلا وقد سألته عنه، حتى عن وسخ الأظفار. قال:] فقلت: فماذا قال لك؟ قال: «ما رابك [فألقه، وما] كان [سوى ذلك فدعه]» .
٨- حدثنا محمد بن إبراهيم بن بنت جناد البغدادي، ثنا بشار بن موسى الخفاف، ثنا عبيد الله بن عمرو الرقي، حدثني أبو عبد الله -وكان من أعوان عمر بن عبد العزيز- قال: بعث إلي عمر بن عبد العزيز [فدفع إلي] مالًا أقسمه بالرقة، وكتب إلى وابصة [كتابًا] يبعث معي بشرطٍ يكفون الناس عني؛ وقال: لا تقسم بينهم
1 / 30
إلا على شاطئ نهرٍ جارٍ، فإني أخاف أن يعطشوا. قال: قلت: يا أمير المؤمنين، إنك تبعثني إلى قومٍ لا أعرفهم، وفيهم غنيٌّ وفقيرٌ. فقال: يا هذا، كل من مد يده إليك فأعطه. قال أبو علي محمد بن سعيد: ولا أظن هذا إلا خطأً لأن وابصة لم يتأخر موته إلى خلافة عمر بن العزيز؛ فلعله أن يكون «إلى ابن وابصة» لأن سالمًا ذكروا أنه تولى الرقة بعد أبيه.
٩- حدثنا أبو الهيثم محمد بن عبد الصمد، حدثني عمي عبد السلام بن عبد الرحمن بن صخر، عن أبيه، عن شيبان بن عبد الرحمن، عن حصين بن عبد الرحمن، عن هلال بن يساف، قال: قدمت الرقة، فقال بعض أصحابي: هل لك في رجلٍ من أصحاب رسول الله ﷺ؟ فقلت: غنيمةٌ. فدفعنا إلى [وابصة بن معبدٍ]، فقلت
1 / 31
لصاحبي -أو لأصحابي-: نبدأ فننظر إلى دله؛ فإذا عليه قلنسوةٌ لاطئةٌ ذات أذنين، وبرنس خز أغبر، وإذا هو قائمٌ يصلي يعتمد على عصًا في صلاته؛ فقلنا له بعد أن سلمنا عليه: ما دعاك إلى العصا؟ قال: حدثتني أم قيس بنت محصن، أن رسول الله ﷺ لما أسن وحمل اللحم اتخذ عمودًا في مصلاه يعتمد عليه.
١٠-[حدثنا جعفر بن] محمد بن حجاج، ثنا عبد السلام، ثنا أبي، عن شيبان بن عبد الرحمن [أبي معاوية]، عن حصين بن عبد الرحمن، عن هلال بن يساف، قال: قدمت الرقة. فذكر نحوه، [وزاد:] و[في] رواية: إمه.
[٢] الوليد بن عقبة بن أبي معيط بن عمرو بن أمية
١١- كنيته أبو وهب. وأمه أروى بنت كريز.
1 / 32
وهو أخو عثمان بن عفان ﵁ لأمه. نزل الرقة، ومات في ضيعةٍ به [بالبليخ]، وقبره بها.
١٢- حدثنا هلال بن العلاء، ثنا حسين بن عياش، ثنا [جعفر بن برقان]، ثنا ثابت بن الحجاج، عن عبد الله الهمداني، قال: قال الوليد بن عقبة: لما فتحت مكة جعل أناسٌ من أهلها يأتون النبي ﷺ بأولادهم فيمسح رؤوسهم، ويدعو لهم بالبركة. قال: فلم يمنع النبي ﷺ أن يمسح رأسي ويدعو لي بالبركة إلا أن أمي خلقتني بخلوق.
1 / 33
١٣- حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن صدقة، حدثنا عبد الله بن محمد الأذرمي، ثنا زيد بن أبي الزرقاء، عن جعفر بن برقان، عن ثابت بن الحجاج، عن عبد الله الفزاري، عن أبي موسى، عن الوليد بن عقبة، قال:
1 / 34
لما فتح النبي ﷺ -يعني مكة-. فذكر نحوه.
[٣] عبد الله بن سيدان السلمي، ثم المطرودي
[ذكروا] أنه أدرك النبي ﷺ. وقد روى عن أبي بكرٍ وعمر ﵄.
١٤- حدثنا محمد بن علي بن ميمون، ثنا الفريابي، عن سفيان، عن جعفر بن برقان، عن ثابت بن الحجاج الكلابي، حدثني عبد الله بن سيدان السلمي، قال: شهدت الجمعة مع أبي بكر ﵁، فكانت خطبته و[صلاته] قبل نصف [النهار، ثم صلت مع عمر] ﵁ [فكانت خطبته وصلاته] إلى أن [انتصف النهار، ثم صليت] مع عثمان ﵁، فكانت خطبته وصلاته إلى أن [قلت:] زال النهار
1 / 35
قال: فخنست هذه، فما رأيت أحدًا عاب ذلك.
ومن التابعين:
[٤] زفر بن الحارث الكلابي
١٥- حدثنا هلال بن العلاء، ثنا حسين بن عياش، ثنا جعفر، ثنا ثابت ابن الحجاج، عن زفر بن الحارث، قال: كنت رسول معاوية بن أبي سفيان، إلى عائشة أم المؤمنين؛ بوقعة صفين.
١٦- سمعة هلالًا يقول: إنما سمي تل زفر، لأن زفر بن الحارث نزل عليه.
1 / 36
[٥] يزيد بن الأصم العامري
كنيته: أبو عوف.
١٧- والأصم: اسمه عبد عمرو بن عدس بن معاوية بن عبادة بن البكاء ابن عامر بن ربيعة بن صعصعة. وأم يزيد بن الأصم: برزة بنت الحارث الهلالية، أخت ميمونة بنت الحارث زوج النبي ﷺ.
١٨- سمعت هلالًا يقول: كنت عند عمرو بن عثمان الكلابي، فقال: هذا رجلٌ من ولد يزيد بن الأصم.
1 / 37
فسمعت الرجل يقول: مات يزيد بن الأصم سنة إحدى ومئة. فحدث عنه من أهله: ابن أخيه عبيد الله بن عبد الله بن الأصم. حدث عنه: مروان بن معاوية الفزاري، وغيره.
١٩- حدثنا أبو عمر هلال بن العلاء، ثنا عمرو بن عثمان، ثنا بعض أصحابنا عن سفيان بن عيينة، قال: كتب يزيد بن الأصم إلى الحسين بن علي حين خرج: أما بعد: فإن أهل الكوفة قد أبوا إلا أن ينغضوك، وقل من أنغض إلا قلق؛ وإني أعيذك بالله أن تكون كالمغتر بالبرق، وكالمهريق ماءً للسراب؛ فاصبر إن وعد الله حق، ولا يستخفنك أهل الكوفة الذين لا يوقنون.
٢٠- حدثنا هلال، ثنا ابن نفيل، ثنا أبو المليح الرقي، عن يزيد بن
1 / 38
يزيد، عن يزيد بن الأصم، قال: كنت غلامًا عارمًا، فقاتلت الغلمان يومًا فهزموني، فدخلت بيت ميمونة زوج النبي ﷺ[قال: وكانت خالته- فقمت أصلي في المسجد، وعندها] نسوةٌ، فقال بعضهن: أما ترين ما يصنع هذا الخبيث؟ قالت: دعوه، [فإن الخير بالعادة] .
[٦] سالم بن وابصة بن معبد
حدث عن أبيه.
٢١- حدثنا هلال [بن العلاء]، ثنا عمرو بن عثمان، ثنا أصبغ بن محمد، ثنا جعفر بن برقان، عن شدادٍ مولى [عياض] العامري، [عن وابصة]:
1 / 39
أنه كان يقوم في الناس [يوم الأضحى ويوم الفطر، فيقول: إني شهدت رسول الله] ﷺ في حجة الوداع، وهو يقول: «أيها الناس، أي يوم أحرم؟» . فقال الناس: هذا اليوم -وهو يوم النحر- قال: «أي شهرٍ أحرم؟» . قال الناس: هذا الشهر. قال: «فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم محرمةٌ عليكم كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، إلى يوم تلقونه؛ ألا هل بلغت؟» . قال الناس: نعم؛ فرفع يديه إلى السماء: «اللهم اشهد» يقولها ثلاثًا، ثم قال: «ليبلغ الشاهد منكم الغائب» . قال وابصة: إنا شهدنا وغبتم، ونحن نبلغكم. قال عمرو بن عثمان: [وزادني] في هذا الحديث [أبوسلمة الحذاء]- يعني الحكم بن الحكم بن أبي تحية، أن جعفرًا حدث بمثل هذا [الحديث، قال: صلى بنا سالم بن] وابصة يوم جمعةٍ بالرقة. فذكر حديث وابصة، فقال: نشهد [عليكم كما أشهد عليه] .
[٧] أخوه: عمرو بن وابصة بن معبد
حدث عن أبيه.
٢٢- حدثنا هلال بن العلاء، ثنا أبي، قال: ثنا جعفر بن برقان، قال:
1 / 40