Tarikh Napoleon Bonaparte
تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١
Genres
في الصباح، 4 ترميدور (22 تموز) قرب بونابرت من القاهرة ونشر النداء الآتي: «شعب مصر، إنني مسرور من تصرفكم، فلقد أحسنتم برفضكم الاشتراك في مقاتلتي، لقد جئت لأمحق نسل المماليك، وأصون تجارة البلاد، فليطمئن كل من حدثته النفس بسوء، وليعد إلى مأواه كل من ابتعد عنه، عودوا إلى الصلاة كما كنتم، ولا تخشوا على عيالكم شرا، لا تخافوا على بيوتكم، وأملاككم ودين النبي الذي أحبه، لقد شكلت ديوانا من سبعة أشخاص يجتمعون في جامع هناك لحراسة الشعب، والمحافظة على الأمن العام.»
في الرابع والعشرين من تموز دخل بونابرت إلى عاصمة مصر، وفي الخامس والعشرين منه كتب إلى شقيقه جوزيف عضو مجلس الخمس المائة ما يلي: «سترى في الجرائد مذكرات مواقع مصر وفتحها، ذلك الفتح الذي أضاف صفحة بيضاء على مجد الجيش الفرنسي، إن مصر لأغنى بلدان الأرض بالقمح والأرز والخضر واللحوم على ما هي عليه من الوحشية وسوء المصير، إنما المال فيها قليل جدا، إذن فسأكون في فرنسا بعد شهرين، فكن قريبا من باريس، كن في بورغونيه التي عزمت على تمضية فصل الشتاء فيها.»
إن هذه الرسالة لتبين أن نابوليون إنما كان يعتقد كل الاعتقاد بتحقيق فتحه، ولكن فيم هذه العودة إلى فرنسا؟ أبوده أن يبحث هناك عن وسائل عسكرية جديدة وعناصر للاستعمار كما ظن البعض؟ أم إن غايته الوحيدة إنما كانت دنوه من المسرح الذي يدعوه القدر إليه ليلعب الدور الأول فيه، وقد تبينت له قريبة الحوادث التي تنبأ عنها ورغب فيها منذ أمد بعيد؟ يخيل إلينا أن القياس الأخير إنما هو الأقرب للتصديق.
الفصل الخامس
بينما كان دوزه يطارد مراد بك في مصر العليا كان نابوليون مهتما في القاهرة بوضع وكالة منظمة في المقاطعات المصرية، إلا أن إبراهيم باشا، الذي كان قد حمل على سوريا، أرغم الفاتح الشارع بما أتاه من ضروب الحركات على ترك أعماله الهادئة للعودة إلى القتال، ولقد قيض لبونابرت أن يلتقي به في الصالحية ويقاتله قتالا هائلا.
أما فرح هذا الانتصار الجديد فقد عكر صفوه بنبأ محزن. أرسل كليبر إلى بونابرت برقية يقول له فيها: إن نلسون قد أتلف الأسطول الفرنسي في أبو قير بعد قتال مقنط، عندما انتشر هذا النبأ في الجيش، أظهر الجنود والقواد استياء عظيما وأخذوا يتذمرون من تلك الحالة التي هم عليها، أما نابوليون فقد ظهر عليه القلق بادئ ذي بدء، وعندما قالوا له إن مجلس الشعب سيعوض عليه الخسائر التي كابدها قاطعهم بحدة قائلا: «إن مجلسكم هذا إنما هو جاحد؛ لأنه يمقتني ويريد بي شرا.» ثم نفض عنه جملة يأسه وصرخ بصوت تراوده نبرات البطولة قائلا: «إننا سنبقى هنا، أو نخرج كما خرج الأقدمون كبارا!» منذ ذلك الوقت أخذ بونابرت يسعى بحمية ونشاط لا يكلان إلى تنظيم مصر تنظيما وطنيا، كان يشعر بحاجة قصوى إلى التوفيق بين أهالي البلاد ليتاح له أن يوطد في مصر إقامة مستمرة، وأول ما عمله أن شيد جامعة على نسق جامعة باريس، وقسمها إلى طبقات أربع: حساب، وطبيعيات، واقتصاد سياسي، وأدب وفنون جميلة؛ وعهد بإدارتها إلى مونج، أما هو فاكتفى بأن شغل وظيفة نائب مدير.
أحب المسلمون بونابرت محبة شديدة فلقبوه بالسلطان الكبير أبي النيران، وأخذوا يدعونه إلى أعيادهم واحتفالاتهم. حضر بونابرت الاحتفال الذي أقيم بمناسبة فيضان النيل، ولكن من غير أن يتصدره كما ظن البعض، وحضر أيضا الاحتفال الذي أقيم بمناسبة عيد المولد النبوي، أما الرعاية والالتفات اللذان أظهرهما نحو دين النبي، فقد كانا أكبر عامل لاحترام اسمه وسلطته في مصر.
لم يكن بونابرت مسلما ولا مسيحيا، إنما كان هو وجنوده يمثلون في مصر الفلسفة الفرنسية، ومذهب المرتابين المتساهل، والتجرد الديني في القرن الثامن عشر، ولكنه، بدلا من الدين الوضعي، كان يتعهد في نفسه زاوية صغيرة من التدين المبهم، إلا أن هذه الطوية التي صانته من الشبهة في زمنه، وأتاحت له صداقة الأئمة والشيوخ، كما أتاحت له في الماضي صداقة رؤساء الدين المسيحي واليهودي، هذه الطوية لم تقربه من القرآن أكثر مما قربته من الإنجيل.
احتفل في القاهرة بالعيد السنوي لتأسيس الجمهورية الفرنسية في الأول من فنديميير عام 7، وتصدر بونابرت هذا الاحتفال الوطني، قال مخاطبا جنوده:
أيها الجنود
Unknown page