أما ابن سعود فقفل راجعا إلى نجد ليستنفر العربان من عتيبة ومطير الأعلين، فجمع جيشا منهم وعاد به إلى القصيم، فأحس عند وصوله أن صالح بن الحسن يسعى سرا في مصالحة ابن الرشيد، وقد جاء مع ذلك، ومعه قوم من أهل بريدة، ينضم إلى ابن سعود.
قبل ابن سعود صالحا على علاته - وهو عالم بما خفي من أمره - ونزل الأسياح بجيشه الذي أصبح مؤلفا من البادية والحضر، فأقام هناك عشرين يوما وقد ثبت صالح طيلة تلك المدة في ولائه، ثم وسوس في صدره ذاك الذي يوسوس في صدور الناس، فهم بأن ينسحب وقومه من الأسياح، فيبقى ابن سعود وعربانه وحدهم فلا يقدرون على ابن الرشيد إذا أغار عليهم.
ولكن ابن سعود أحس بما كان يجول في صدر صالح، فنقل من الأسياح إلى الزلفى
4
ليبعد عن القصيم، فلما وصل إلى مكان اسمه البنجية استأذن صالح بالرجوع إلى بريدة، فأذن له بالرغم عما بدا من خيانته.
عاد صالح إلى بريدة وسار ابن سعود إلى الزلفى يجمع الرجال لجيشه، ثم رحل منها فنزل غديرا بالقرب من الأرطاوية، فانضمت إليه قبائل مطير التي يرأسها فيصل الدويش. قد بلغه وهو هناك خبر الصلح الذي تم بين الشيخ مبارك الصباح وابن الرشيد، ولم يكتف الشيخ مبارك بذلك بل كتب إلى صالح الحسن يحرضه على مثل عمله.
1324ه / 1906م: عاد ابن سعود مسرعا إلى القصيم في شهر محرم من هذا العام، ومعه جيش لا يتجاوز الألف وستمائة مقاتل، منهم ألف ومائتان من الحضر وأربعمائة خيال من البادية. وكان ابن الرشيد نازلا الثوير في عقلة الزلفى، وهو مكان وعر كثير الرمال، فسرى إليه فلم يدركه هناك.
وكان اليوم من أيام الربيع العاصفة الماطرة التي لا يستحبها العرب في الغزو أو في الحرب؛ فقد يدنو المتحاربون بعضهم من بعض دون أن يشعروا بذلك، فإذا هم فجأة في المهلكة الكبرى.
مشى ابن سعود ورجاله حتى أصيل اليوم التالي لذاك الإسراء؛ فوقفوا إذ ذاك لأنهم لم يستطيعوا لشدة الأمطار والرياح أن يواصلوا السير، وكان ابن الرشيد يتراجع ليصل إلى الشقة، فيجتمع هناك بصالح الحسن الذي جاءه مصالحا مناصرا.
عاد كشافة ابن سعود يخبرون بأن العدو هو على مسير ساعتين منهم وقد نزل روضة مهنا.
Unknown page