179

Al-tārīkh al-muʿtabar fī anbāʾ man ghabar

التاريخ المعتبر في أنباء من غبر

Editor

لجنة مختصة من المحققين

Publisher

دار النوادر

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٣١ هـ - ٢٠١١ م

Publisher Location

سوريا

Genres

ثم قدم أبو سفيان المدينة، فدخل على ابنته أمِّ حبيبة أمِّ المؤمنين زوجِ رسول الله ﷺ، فلما ذهب ليجلسَ على فِراش رسول الله ﷺ، طَوَتْه عنه، فقال: ما أدري أرغبتِ بي عن هذا الفراش، أمن رغبتِ به عني؟ قالت: بل هو فراش رسول الله ﷺ، وأنت رجل مشرك نجس، قال: والله! لقد أصابك بعدي يا بنية شرٌّ.
ثم خرج، فأتى النبيَّ ﷺ، فكلمه، فلم يردَّ عليه شيئًا، فذهب إلى أبي بكر، ثم إلى عمر، ثم إلى عليٍّ ﵁ على أن يكلموا النبي ﷺ في أمره، وتشفَّع بهم، فلم يفعلوا، فقال لعلي: يا أبا الحسن! إني أرى الأمور قد اشتدَّت عليَّ، فانصحْني، قال: والله! لا أعلم شيئًا يغني عنك، ولكنك سيدُ بني كنانة، فقم فَأَجِرْ بين الناس، والحقْ بأرضك، قال: أو ترى ذلك مغنيًا عني شيئًا؟ قال: لا والله! ما أظنه، ولكن لا أجدُ لك غيرَ ذلك، فقام أبو سفيان في المسجد، فقال: أيها الناس! إني قد أجرت بين الناس.
ثم ركب بعيرًا، وانطلق، فلما قدم إلى قريش، قالوا: ما وراءك؟ فقص شأنه، وأنه قد أجار بين الناس، قالوا: فهل أجاز محمدٌ ذلك؟ قال: لا، قالوا: والله! إن زادَ الرجلُ على أن لعب بك (١).
قال: ثم أمر رسول الله ﷺ بالجهاز، وأمر أهلَه أن يجهزوه، ثم أعلم الناسَ بأنه يريد مكة، وقال: "اللهمَّ خُذِ العُيونَ والأخبارَ عن قريش

(١) رواه البيهقي في "دلائل النبوة" (٥/ ٦)، عن المسور بن مخرمة ﵁.

1 / 154