Tarikh Misr Hadith
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
Genres
وذكر الدميري ضربا من النقود يقال لها: البغلية، قال: إن رأس البغل ضربها لعمر بن الخطاب بسكة كسروية عليها صورة الملك، وتحت الكرسي مكتوب بالفارسية «نوش خور» أي كل هنيئا.
وذكر المرحوم جودت باشا أنه رأى نقودا ضربها الأمراء والولاة في عهد الخلفاء الراشدين، أقدمها ضرب سنة 28ه في قصبة هرتك طبرستان، وعلى دائرها بالخط الكوفي: «بسم الله ربي» ورأى نقدا مضروبا سنة 38ه على دائرته هذه العبارة أيضا، ونقدا ضرب سنة 61ه في يزد على دائرته: «عبد الله بن الزبير أمير المؤمنين» بخط بهلوي، وهناك نقود نحاسية ضربت على عهد الراشدين بغاية البساطة، وعلى بعضها رسوم قلدوا بها نقود الفرس كما تقدم (انظر شكل
3-7 ).
الفصل الرابع
الدولة الأموية
من سنة 41-132ه/661-750م (1) خلافة معاوية بن أبي سفيان (من سنة 41-60ه/661-681م)
هكذا كانت نهاية دولة الخلفاء الراشدين، وبداية دولة خلفاء بني أمية، وأولهم معاوية بن أبي سفيان، وكانت الخلافة على عهد الخلفاء الراشدين انتخابية، وقصبتها المدينة؛ فجعلها معاوية وراثية، وجعل قصبتها دمشق؛ فانحصرت أعقابه، وشرع في تولية العمال على الأمصار، وكانت مصر من أهم تلك الأمصار؛ فعهد بأمرها لعمرو بن العاص؛ لما عرف من علو همته، وحسن سياسته، وجعلها له طعمة بعد عطاء جندها والنفقة في مصلحتها.
فعقد عمرو لشريك بن سمي لغزو البربر في شمالي أفريقيا فغزاهم وصالحهم، ثم انتقضوا؛ فبعث إليهم عقبة بن نافع فغزاهم حتى هزمهم، وعقد لعقبة أيضا على غزو هوارة، وعقد لشريك على غزو لبدة؛ فغزواهما في سنة 43ه، ولما قفلا كان عمرو شديد الدنف يتقلب على فراش الموت، فتوفي ليلة الفطر من السنة المذكورة، وكان قصير القامة يخضب بالسواد، وكان من أفراد الدهر دهاء وحزما وفصاحة إلا أنه كان يتلجلج بكلامه.
ولما علم معاوية بوفاة عمرو تكدر كدرا عظيما جدا؛ لأنه لم يعد يعلم لمن يعهد بولاية مصر بعده، وبعد التردد لم ير بدا من تلوية أحد أهله، فأرسل إليها عتبة بن أبي سفيان أخاه في ذي القعدة من سنة 43 فسار إليها، وبعد أن أقام أشهرا عرض له سفر إلى أخيه معاوية بدمشق، فاستخلف عبد الله بن قيس بن الحارث، وكان في شدة وعسف، فكره المصريون ولايته، وامتنعوا منها، فبلغ ذلك عتبة فاضطر إلى الرجوع إلى مصر، ولما جاءها صعد منبر الخطابة، فقال: «يا أهل مصر، قد كنتم تعذرون ببعض المنع منكم لبعض الجور عليكم، وقد وليكم من إذا قال فعل، فإن أبيتم درأكم بيده، فإن أبيتم درأكم بسيفه، ثم رجى في الأخير ما أدرك في الأول. إن البيعة شائعة، لنا عليكم السمع ولكم علينا العدل، وأينا غدر فلا ذمة له عند صاحبه.» فناداه المصريون من جنبات المسجد: «سمعا سمعا» فناداهم: «عدلا عدلا» ونزل وعقد عتبة لعلقمة بن يزيد على الإسكندرية في اثني عشر ألفا تكون لها رابطة.
وتوفي عتبة في الفسطاط في ذي الحجة سنة 44ه وكانت مدة ولايته سنة كاملة؛ فأقام معاوية عوضا عنه عقبة بن عامر بن عبس الجهيني، وجعل له صلاتها وخراجها، وكان عقبة قارئا فقيها مفرضا شاعرا، له الهجرة والصحبة والسابقة، إلا أنه لم يكن من السياسة وحسن التدبير على ما يرضي معاوية، فولى مكانه مسلمة بن مخلد بن صامت الأنصاري، وكان من سراة المدينة، وأمره أن يكتم ذلك لبينما يخرج عقبة من مصر بحيلة.
Unknown page