Tarikh Masuniyya
تاريخ الماسونية العام: منذ نشأتها إلى هذا اليوم
Genres
إذا قلت لكم هذه مقاصدي فافهموها، قلتم هذه بهرجة وإن وراء الأكمة ما وراءها، وأبيتم إلا أني حييت لإماتة الفضيلة، واجتمعت لتشتيت السلطة والديانة، فلا أدري كيف أخاطبكم، ولا بأي السبل أتطرق إلى إقناعكم، رغما عن شدة رغبتي في الإخلاص لكم والتقرب منكم، قياما بما تفرضه علي الإنسانية وتأمرني به الواجبات الماسونية.
أراكم تشددون النكير على أن من وراء التستر ما يوجب المظنة، وإلا فالمكاشفة أولى وأحرى. على أني ألتمس لكم على ذلك بعض العذر، سيما وإن كل محجوب مرغوب.
غير أني لا أخفي عنكم أن ليس بين أسراري ما يهمكم استطلاعه، إنما هي إشارات ورموز جعلت واسطة للتعارف بين أبنائي المختارين، فلا يقوى غير المختار على التلبس بالدعوى، فيسترق من حقوقهم المقدسة ما ربما لا يكون له أهلا فيفسد في الأرض، فإذا كثر أمثاله عمت البلوى، وربما آلت إلى انفصام عروتي والعياذ بالله. ولا يفوتكم أيضا أن القوم إذا تعاهدوا على أمر باجتماع الأيدي، يزيد ائتلاف قلوبهم إذا جعلوا بينهم ما يتعارفون به ويكون خاصا بهم.
تلك سنة قد جرى عليها كثيرات من أترابي في الأزمنة الخالية بين سائر الأمم المتمدنة في الهند وآشور ومصر وفينيقية وسوريا واليونان وغيرها. لم يكن دأبهن إلا رفع منار العلم والفضيلة حيث أقمن، وقد لاقين كما لاقيت وألاقي أنا بينكم، وقد ثبتن كما ثبت وأثبت إن شاء الله.
فأنا على بينة من شريف مقاصدي وعظيم فوائدي ، لا شيء يوقفني عن السعي وراءها، ولا أبالي بما يتهمني به المتهمون، أو يقوله القائلون على غير هدى. على أني لم أعدم نصراء من ملوككم وسلاطينكم وعلمائكم وفلاسفتكم وقادة أديانكم.
فما أنا خاشية سطوتكم، ولا أنا راجية نصرتكم؛ إنما أتقدم إليكم بلسان الصدق أن تعتقدوا صدق نيتي فيما أرجوه لكم من الإصلاح في دنياكم، ولله ما وراء ذلك وهو على كل شيء رقيب.» ا.ه.
منشأ الماسونية
للمؤرخين في منشأ هذه الجمعية أقوال متضاربة، فمن قائل بحداثتها، فهي على قوله لم تدرك ما وراء القرن الثامن عشر بعد الميلاد، ومنهم من سار بها إلى ما وراء ذلك، فقال إنها نشأت من جمعية الصليب الوردي التي تأسست سنة 1616ب.م ومنهم من أوصلها إلى الحروب الصليبية. وآخرون تتبعوها إلى أيام اليونان من الجيل الثامن قبل الميلاد، ومنهم من قال إنها نشأت في هيكل سليمان، وفئة تقول إن منشأ هذه الجمعية أقدم من ذلك كثيرا، فأوصلوها إلى الكهانة المصرية والهندية وغيرها. وبالغ آخرون في أن مؤسسها آدم، والأبلغ من ذلك قول بعضهم إن الله سبحانه وتعالى أسسها في جنة عدن، وإن الجنة كانت أول محفل ماسوني، وميخائيل رئيس الملائكة كان أول أستاذ أعظم فيه. إلى غير ذلك من الأقوال المبنية على مجرد الوهم.
والسبب في تفاوت هذه الأقوال وتضاربها طموس التاريخ الماسوني قبل القرون المتأخرة؛ لأن الماسونية كما لا يخفى جمعية سرية، ونظرا لما كان يتهددها من الاضطهادات المتواترة في الأجيال المظلمة وغيرها، كانت تبالغ في إخفاء أوراقها إخفاء، ربما لا يعود يتيسر معه لمن يبقى حيا بعد الاضطهاد أن يكتشفها، هذا إذا لم يعثر عليها المضطهدون ويعدموها حرقا.
ولكنهم نهضوا مؤخرا إلى جمع تاريخ هذه الجمعية، فعثروا على أوراق قديمة العهد أمكنهم الاستدلال منها ومن غيرها - مع ما هو محفوظ في أعمالها الحاضرة من التقاليد - أن يتوصلوا على سبل مختلفة إلى إتمامه، على أنهم مع ذلك لا يزالون في تضارب من حيث منشؤها على ما تقدم.
Unknown page