ومنها حجه الذي فات فيه الملوك سبقا ، ورغب فعله إلى الله أن يبدله ما يفني بما يبقى ، ولقد رفي فيه وهو واقف على باب البيت محرما يأخذ بيد الضعفاء من رعيته قد خلع عنه ثوب الكبرياء والأنفة ، وألبس خلع التقى والمعرفة ، معلمة بما أجري له على الألسنة من حسن النعت والصفة .
ومنها ما ألزم نفسه من المواظبة على الجهاد في سبيل الله ابتغاء مرضاته ، والسكنى بجواره في بحبوحة جناته ، واجتهادا في إقامة منار الاسلام وإعلاء كلمته بالإعلان والإعلام.
ومنها ما قرره ورتبه في البيمارستان بالمدينة النبوية - على ساكنها أفضل الصلاة والتحية - من الأطباء ومن الأدوية للمرضى القاطنين والوافدين ، يحمل إليه في كل سنة ، وما يحمل إلى الحرم المدني والحرم المكي من الزيت والشمع الذي يوقد فيهما ، ومن القمح والدقيق الذي يفرق على الضعفاء والمساكين من أهلهما والمجاورين بهما ، وما أوجبه على نفسه الكريمة من عمل الستور الديباج للضريح النبوي وللكعبة الشريفة ، ما كانت الخلفاء ممتازين به على الملوك في كل عام
ومنها أنه أجرى ما كان الملك الناصر صلاح الدين يوسف صاحب الشام ، والملك الظفر قطز يجريانه على ذوي البيوتات من الصدقات والصلات ، في كل سنة بمصر والشام ، وزاد على ذلك أضعافه لئلا تشارك أوصافهم أوصافه ، وكذلك فعل لما مات الملك الأشرف صاحب حمص .... .
Page 300