Tarih al-Malik al-Zahir

Ibn Saddad d. 684 AH
203

Tarih al-Malik al-Zahir

تاريخ الملك الظاهر

Genres

تملك حبة الدين حبة قلبه

فأضحى بأهل الفقه والفقر مولعا

إذا عثر الإنسان منهم بفاقة

يقول له جدوى آنامله لعا

ويكفيه في محبته للفقراء والمشايخ وفعلاته معهم التي هي ذخيره عند الله ، ما فعله مع الشيخ خضر بن أبي بكر بن موسى العدوي المهراني ، وكان السبب في معرفته به أن الأمير سيف الدين قشتمر العجمي ، أحد الأمراء البحرية الصالحية ، كان يخبره عنه أنه كثير الإخبار عن مولانا السلطان قبل أن يملك أنه لا بد له أن يملك وزاده فيه رغبة آيضا الأمير سيف الدين آتامش السعديي ، ولم يكن السلطان يعرفه ولا اجتمع به قبل ذلك ، فاتفق آن الشيخ خضر خرج معه في نوبة توجهه إلى الكرك يملكه ، فلما نزل الطور سال عنه فأخبر أنه منقطع في مغارة عند قبر أبي هريرة ، فقصده واجتمع به ، فراى منه ما حثه على الغبطة به والملازمة له ، واتفق له معه وقايع ضاعفت رغبته فيه بعد ذلك ؛ منها آنه لما نزل على أرسوف أخبره في أي يوم يكون آخذه لها ، فوافق الأمر في ذلك ما أخبره به ، وكذلك في قيسارية وصفد ، ولما عاد من دمشق متوجها إلى الكرك في سنة خمس وستين ليتفقد أحوال الحصن لاستشاره فاشار عليه بأن لا يقصده ويتوجه إلى مصر ، فلم يوافق ذلك ما في نفسه فخالف مشورته وقصده ، فلما كان ببركة زيزا تقطر من على الفرس فانكسر فخذه ، وآقام بها مدة إلى أن تماثل ، ثم حمل في محفة إلى غزة . ولما توجه السلطان الى بلاد الروم اجتمع بالشيخ خضر بعض أصحابه ، وسأله عن مآل السلطان إليه في توجهه ، فأخبره أنه يظفر ثم يعود إلى دمشق ويموت فيها بعد أن أموت بعشرين يوما و كذلك اتفق الحال ، سمعت هذه الحكاية من الأمير سيف الدين قشتمر العجمي من فظه والعهدة عليه . ولفرط ما رآه مولانا السلطان - تغمده الله برحمته - من أمور استحسنها منه بنى له زاوية بظاهر القاهرة على الخليج محاذيا لأرض الطبالة ، ووقف عليها أحكارا يجنى منها في السنة فوق ثلاثين آلف درهم نقرة ، وبالقدس زاوية ، وبدمشق زاوية ، وببعلبك زاوية ، وبحماة زاوية ، وبحمص زاوية، فيجميعها الفقراء وعليهم الأوقاف ، وصرفه في مملكته بحيث آنه كان يحكم فيها ولا يحكم عليه ، ولقد هدم بدمشق كنيسة لليهود عظمى وبنى فيها المحاريب ، وكذلك هدم بالقدس كنيسة للنصارى غربي البلد تعرف بالصلبة ، جليلة عند النصارى ، و قتل قسيسها بيده صبرا وعملها زاوية ، وكذلك قصد بالإسكندرية كنيسة للروم كانت كرسيا من كراسيهم التي يعتقدون فيها البتركية ، ويزعمون آن رأس يحيى ابن زكريا فيها ، وهو عندهم يحنى المعمداني ، وصيرها مسجدا وبنى فيها المحاريب ، وسماها المدرسة الخضرا ، وفتح لها شباكا إلى الطريق ورتب فيها فقراء ، كل ذلك لا والسلطان موافق له على جميع ما يعتمده .

Page 272