184

Taʾrīkh Makka al-Musharrafa waʾl-Masjid al-Ḥarām waʾl-Madīna al-Sharīfa waʾl-Qabr al-Sharīf

تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف

Editor

علاء إبراهيم، أيمن نصر

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition

الثانية

Publication Year

١٤٢٤هـ - ٢٠٠٤م

Publisher Location

بيروت / لبنان

فَلَمَّا انْتَهوا إِلَى فَم الْغَار قَالَ قَائِل مِنْهُم: ادخُلُوا الْغَار فَقَالَ أُميَّة بن خلف: مَا أربكم إِلَى الْغَار إِن عَلَيْهِ لعنكبوتًا كَانَ قبل مِيلَاد مُحَمَّد ﷺ ثمَّ جَاءَ فَبَال فِي صدر الْغَار حَتَّى سَالَ بَوْله بَين يَدي النَّبِي ﷺ وَأبي بكر، فَنهى النَّبِي ﷺ عَن قتل العنكبوت وَقَالَ: " إِنَّهَا لخيل من جنود الله تَعَالَى " رَوَاهُ عبد الْملك بن مُحَمَّد النَّيْسَابُورِي فِي كتاب " شرف الْمُصْطَفى ". وَعَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ قَالَ: لما دخل النَّبِي ﷺ الْغَار دَعَا شَجَرَة كَانَت على بَاب الْغَار فَقَالَ لَهَا: ائْتِنِي فَأَقْبَلت حَتَّى وقفت على بَاب الْغَار قَالَ: وَكَانَ الَّذِي بَال مُسْتَقْبل الْغَار عَطِيَّة بن أبي معيط. وَفِي كتاب " الدَّلَائِل " للسيرقسطي: لما دخل رَسُول الله ﷺ الْغَار أنبت الله تَعَالَى على بَابه وَهِي شَجَرَة مَعْرُوفَة قَالَ أَبُو حنيفَة: هِيَ من أغلاف الشَّجَرَة وَتَكون مثل قامة الْإِنْسَان وَلها زهر أَبيض يحشى مِنْهُ المخاد وَقيل: هِيَ شَجَرَة أم غيلَان وَفِي مُسْند الْبَزَّار أَن الله تَعَالَى أرسل حَمَامَتَيْنِ وَحْشِيَّتَيْنِ فَوَقَعَتَا على وَجه الْغَار وَأَن نسل حمام الْحرم من نسل تِلْكَ الحمامتين. ذكره السُّهيْلي. وَفِي حَدِيث الْهِجْرَة وَقَوله ﷺ: " يَا أَبَا بكر مَا ظَنك بِاثْنَيْنِ الله ثالثهما ". فَوَائِد مِنْهَا: بَيَان فضل أبي بكر الصّديق حَيْثُ قرنه النَّبِي ﷺ بِنَفسِهِ وَقَالَ: " مَا ظَنك بِاثْنَيْنِ الله ثالثهما " مَعْنَاهُ ثالثهما بِالْحِفْظِ والعصمة والنصر والمعونة والتسدسد وَهُوَ دَاخل فِي قَوْله تَعَالَى: " إِن الله مَعَ الَّذين اتَّقوا وَالَّذين هم محسنون " وَقيل: هُوَ معنى قَوْله: " إِذْ يَقُول لصَاحبه لَا تحزن إِن الله مَعنا " وَمِنْهَا عظم قدر النَّبِي ﷺ وارتفاع شَأْنه وَتَعَالَى رتبته ومكانه عَن التأثر بنوائب الدُّنْيَا والتغير بمصائبها ومتاعبها حَيْثُ اهتم أَبُو بكر بوصولهم إِلَى بَاب الْغَار متبعين لأثرهما وَخَافَ من اطلاعهم عَلَيْهِمَا وَلم يهتم وَلم يبال بأمرهم رَسُول الله ﷺ وَثَبت جأش أبي بكر وأزال روعه وطمأن نَفسه على أَن الْمُفَسّرين ذكرُوا أَن كَثْرَة خوف أبي بكر ﵁ إِنَّمَا كَانَت لرَسُول الله ﷺ لَا لنَفسِهِ، ويروى أَنه قَالَ لما خَافَ الطّلب: يَا رَسُول الله إِن قتلت فَأَنا رجل وَاحِد وَإِن أصبت

1 / 203