129

Tārīkh al-Isrāʾīliyyīn

تاريخ الإسرائيليين

Genres

ولما كان الشيء بالشيء يذكر أقول: إنني حضرت مرة الصلاة في كنيس الإسرائيليين بمصر يوم عيد الصوم الكبير، ولما طافوا بالتوراة أمام الشعب تقدم المحسنون الذين يرغبون حمل أجزاء التوراة، وقد هزتهم الأريحية فتبرع كل منهم بما سمحت به نفسه، فكان السابق في جوده وإحسانه يوسف بك قطاوي، فلما شاهدت ذلك لم أتمالك أن جاهرت بمدح السخاء والكرم والقدوة الصالحة، وأثنيت الثناء الجميل على سماحة وغيرة هذه الأمة عموما ويوسف بك خصوصا.

ولم يقتصر حضرته على القيام بمهام الأعمال الكثيرة التي يديرها مع شقيقه الهمام في محلهم المشهور، ولم تقعد به همته العالية عن الاشتغال بأعمال أخرى عظيمة، فقد عين مديرا لعدة شركات أهمها الشركة العقارية المصرية، وشركة مياه طنطا، وهو من مديري سكة حديد حلوان، وله علاقة بكثير من الشئون العائدة بالنفع على مصر والمصريين.

أما صفاته وأخلاقه فتحليها الوداعة والاتضاع مع الأنفة وعزة النفس ويزينها الأدب والكمال والتقوى، وله المقام الأول بين أقرانه يحترمونه ويحلون آراءه المحل الأسمى وهو محبوب كثيرا من أواسط الناس وفقرائهم للطفه ووداعته، فإنه يقابلهم كأنه واحد منهم ويجتمع معهم، ويتفقد أحوالهم ويشرح صدورهم برقة أحاديثه، أدامه الله وجزاه قدر حسناته ومبراته. (2-4) المسيو إيلي قطاوي

المسيو إيلي قطاوي.

ولد المسيو إيلي يعقوب قطاوي في مصر في 3 مارس سنة 1849، وتخرج في المدارس، ولما دخل في ميدان العمل اقترن بكريمة المرحوم ليون فلنسين فرزق منها ابنتين، وقد كان نصيبه الإقامة في مدينة باريس، حيث يدير محلات الخواجات قطاوي بهمته وذكائه.

ولما توفيت زوجته اقترن بسيدة من بنات عائلة ريدلخ الشهيرة في بلاد النمسا والمجر ورزق منها ابنة.

وهو الآن أحد مديري شركة أعمال السكر المسماة «راتين ريسيه»، وأحد أعضاء البنك العقاري المصري وغيره من البنوك.

ويدير في باريس أيضا أشغال أخرى لها علاقة بمصر وغيرها من البلدان. (2-5) موسى بك يعقوب قطاوي

موسى بك قطاوي نجل المرحوم يعقوب بك قطاوي، وهو رابع إخوته الذكور، ولد في مصر في اليوم الثاني من شهر فبراير سنة 1850، ونشأ على المبادئ الصحيحة، ولما بلغ السابعة من عمره ظهرت عليه مخائل النجابة والذكاء، وتوقع الناس له مستقبلا باهرا ومقاما رفيعا، وكان نحيف الجسم ضعيف البنية، إلا أنه كان عالي الهمة متقد العزيمة، قضى أيام شبيبته في جد ونشاط مكبا على الدروس وتلقي العلوم تارة في مصر وتارة في أوروبا حتى نال نصيبا وافرا من المعارف والفنون ومحاسن التربية الحديثة، ولما ترعرع أخذ في السياحة والأسفار ليقرن العلم بالاختبار والتحنك من أحوال الدنيا وشئونها، وكانت همته العالية تدفعه إلى هذه السياحة معتمدا على نفسه وأفكاره شأن الحكيم العاقل حتى رسخت فيه قوة الاعتماد على النفس المقرونة بحسن التدبير، ومحاسن الأخلاق، واستمر في سياحاته هذه حتى بلغ العشرين من عمره، فظهرت عليه إذ ذاك علائم الاقتدار على الأعمال وإدارتها، فطلبه والده وأدخله في دائرة أشغاله، فأظهر مقدرة سامية في كل الأعمال التي عهدت إليه ونجح فيها نجاحا باهرا، ولما رأى كفاءته ونشاطه في الأعمال جعله شريكا له في بنكه، فقام بهذه المهمة على أحسن ما يكون من حسن التدبير والإدارة، وبعد ذلك بأعوام قليلة عزم والده على زواجه وكاشفه في ذلك، فلم يتمنع طوعا لإرادته فاقترن بالسيدة إيدا كريمة العالم الشهير الدكتور روسي بك طبيب العائلة الخديوية ، وهو في الرابعة والعشرين من عمره، وكان ذلك في 21 أبريل سنة 1874، وقد احتفل بزفافه احتفالا بلغ الغاية القصوى من العظمة ورفعة الشأن، وكان له رنة بلغت حد الانتشار حتى لهج بها الناس في كل مكان، وذلك دليل واضح على ما لهذه العائلة الكريمة من سمو المكانة في أعين الناس.

موسى بك قطاوي.

Unknown page