Tarikh Ibn Khaldun

Shakib Arslan d. 1368 AH
125

Tarikh Ibn Khaldun

تاريخ ابن خلدون

Genres

ومنهم الشيخ عبد الرحمن بن جمال الدين المعروف ب«شيخ زاده» وكان من جلة العلماء وأجازه المفتي أبو السعود.

ومنهم محمد بن المفتي أبي السعود وكان مدرسا وتقلد القضاء في دمشق.

ومنهم المولى صالح بن جلال وكان السلطان سليمان أمره بترجمة بعض الكتب الفارسية فأتمها في قليل من الزمن ثم تولى قضاء حلب، ثم قضاء مصر.

ومنهم محيي الدين الشهير ب«ابن الإمام» وتولى قضاء حلب.

ومنهم الشيخ تاج الدين إبراهيم بن عبد الله، وكان يدرس بمدرسة سليمان باشا في إزنيق وله تآليف من جملتها رد على ابن كمال باشا.

ومنهم دده خليفة وتولى التدريس ثم الإفتاء، وله تآليف منها حاشية على شرح التفتازاني في الصرف.

السلطان سليم الثاني

هذا وتولى بعد السلطان سليمان الكبير ولده السلطان سليم الثاني، وذلك في أوائل ربيع الأول سنة أربع وسبعين وتسع مئة، وكانت وفاة السلطان سليمان رحمه الله في اليوم الثاني والعشرين من صفر سنة أربع وسبعين وتسع مئة، وجاءوا بجنازته إلى القسطنطينية وكان يوما عظيما، وبقي خبر موته مكتوما خمسين يوما، وجاء في تاريخ سلطنة سليم الثاني: سليم تولى الملك بعد سليمان.

ولما جاء سليم بجنازة أبيه إلى القسطنطينية لم يوزع على الانكشارية العطايا التي اعتاد السلاطين توزيعها عند جلوسهم على عرش السلطنة، فحصلت ثورة صارت تتفاقم وعجز الوزراء عن قمعها، وخاف السلطان على نفسه فاضطر إلى إجابة طلب العساكر، وأنفق جميع ما في الخزانة حتى أسكتهم، وكان سليم الثاني أول سلطان انحرف عن الجادة التي كان يسير عليها آل عثمان، فإنهم كانوا بأجمعهم أبطالا يباشرون القتال بأنفسهم ولا يعرفون للراحة معنى، ولم يكن لهم غرام إلا بالفتواحات وتأييد الإسلام وتحصين ثغور المملكة وقهر عداها، وكانت همم جميعهم سامية لا يعرف منهم نكس ولا وكل، فما بدأ دور التراخي في آل عثمان إلا في زمن سليم الثاني، وكان محبا للدعة والراحة، ملازما للحرم مدمنا لشرب الخمر مسترسلا إلى الشهوات، وفي أيامه ارتفع التحريج عن الخمرة فكاد يعم شربها، وإنما روى صاحب الدر المنظوم أنه قبل موته تاب وكسر أدوات اللهو وأواني الشراب، وكان قد ألقى السلطان سليم بمقاليد الأمر إلى وزيره الصوقلي ولولا الصوقلي لسقطت هيبة السلطنة، ولم يمت سليمان القانوني حتى انعقدت في 17 فبراير سنة 1568 معاهدة بين الدولة العثمانية والمجر، على أن كل فريق يحفظ ما بيده، وأن النمسا تؤدي للدولة ثلاثين ألف دوكة سنويا، وتعرف بسيادة الباب العالي على البغدان والفلاخ وترانسلفانيا، ولم تحصل النمسا على هذا الصلح إلا بعد أن رشت رجال الباب العالي بأربعين ألف دوكة.

وكان الصوقلي يريد أن يرسل عساكر تستولي على بلاد الفولغا في شمال الروسيا حتى يقطع ما بين الروس وبين آسيا، فسرح جيشا إلى استراخان ولكن لم توفق تلك الغزاة برغم جميع ما بذله الصوقلي من العناية، ولم يساعده خان القريم «دولة غرائي» كما كان ينتظر، وفكر الصوقلي في فتح «ترعة السويس» لتتمكن الدولة العثمانية من البحر الأحمر والبحر الهندي، ولكنه لم يتمكن من إجراء فكرته هذه بسبب توالي الحروب، وفي زمن السلطان سليم الأول كانت الحجاز واليمن دخلتا في طاعة الدولة، ولكن الزيدية لم يلبثوا أن ثاروا على العثمانيين بقيادة الإمام مطهر، وبعد أن دخل الأتراك إلى صنعاء أخرجوهم منها ومن سائر المدن، ولم يبق ترك إلا في زبيد، فأرسلت الدولة سنان باشا الأرناءوطي فتغلب على الزيدية، واعترف الإمام مطهر بسيادة السلطان، وفي زمن سليم الثاني افتتحت الدولة «جزيرة قبرص» ويقال إن الذي رغب السلطان في فتحها رجل يهودي برتغالي اسمه «يوسف ناسي» مدح له خمر قبرص، فجرد عيلها أسطولا وفتحها، وقيل إنه وعد هذا البرتغالي بتوليته قبرص، ولكنه بعد الفتح استحيا من إنجاز ذلك الوعد المدني الذي حمله عليه الشرب، ولكنه أعطى البرتغالي لقب «دوك ناكسوس» وكان الوزير الصوقلي غير مرتاح إلى فتح قبرص يفضل على ذلك مسلمي الأندلس الذين كانوا يثورون المرة بعد الأخرى على الإسبانيول، ويستنجدون آل عثمان، ولكن «لا لا مصطفى باشا» والوزير بيالي وقبطان البحر أرادوا السلطان على فتح قبرص، فساقت الدولة مئة ألف مقاتل إلى تلك الجزيرة، ونزلت العساكر في 1 آب سنة 1570 وحاصر العثمانيون نيكوزيا وأخذوها عنوة، ويقال إنهم قتلوا عشرين ألفا من الأهالي، واستولى الأتراك على ليماسول ولارناكا وامتنعت فاما غوستة وردت هجمات الأتراك، لكنها لم تقدر على المقاومة إلى الآخر، واستولى الترك عليها وقتلوا قائدها برادغادينو الذي أبدى تلك المقاومة الشديدة، ولما وصل خبر قبرص إلى أوروبا اتفقت البندقية والبابا ودولة إسبانيا وفرسان مالطة وجهزوا أسطولا كبير منه سبعون سفينة إسبانيولية وتسع سفن لفرسان مالطة واثنتا عشرة سفينة للبابا ومئة وأربعون سفينة للبندقية، فتلاقى هذا الأسطول بالأسطول العثماني في 7 أكتوبر سنة 1571، وكان الأسطول العثماني ثلاث مئة سفينة، واشتبك القتال بإزاء جزائر «كور زولاري» على سواحل بلاد الأرناءوط.

Unknown page